Getty Imagesشهدت الساعات الماضية حالة جدل واسعة داخل الوسط الرياضي المصري، بعدما نشر الحكم الدولي محمود البنّا استغاثة عاجلة وجّهها مباشرة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد ساعات قليلة من إعلانه الاعتزال بشكل نهائي.
وتضمّن بيان محمود البنا انتقادات واضحة لطريقة إدارة منظومة التحكيم خلال الفترة الأخيرة، موجهًا اتهامات بالاعتماد المبالغ فيه على الخبراء الأجانب، وإقصاء الكفاءات المصرية، وإهدار المال العام دون تحقيق استفادة فنية حقيقية.
في المقابل، أصدر الاتحاد المصري لكرة القدم بيانًا رسميًا أكد فيه أنه يتابع الأزمة من بدايتها، وأنه أحال شكوى الحكمين محمود البنّا وسامي هلهل - اللذين تحدثا عبر وسائل التواصل الاجتماعي - إلى لجنة الحكام الرئيسية برئاسة الخبير الدولي أوسكار رويز، لدراستها واتخاذ ما يلزم من إجراءات وفق القوانين واللوائح المنظمة للتحكيم المحلي والدولي.
محمود البنّا يوجه استغاثة للرئيس السيسي
في بيانه المطوّل، بدأ البنّا حديثه بلهجة حملت قدراً من الحزن والإصرار على كشف ما وصفه بـ"الحقيقة كاملة". وقال إنه قرر مخاطبة الرئيس مباشرة بعد أن "ضاقت السبل ولم يجد الحكم المصري من يستمع إليه داخل المنظومة".
واستشهد البنّا بكلمات الرئيس السيسي السابقة حول استقدام المدربين الأجانب لمنتخب مصر، حين قال الرئيس: "ليه بتجيبوا أجانب يدربون المنتخب والنتيجة هي هي؟".
واعتبر البنّا أن الموقف ذاته يتكرر الآن داخل منظومة التحكيم، حيث يتم - على حد وصفه - استقدام خبراء أجانب ليس بهدف التطوير الحقيقي، بل للتكسب المادي وإزاحة الكفاءات الوطنية، مؤكّدًا أن الحكم المصري "قادر وكفؤ ومشهود له دوليًا".
وأشار إلى أن رئيس لجنة الحكام الحالي، الخبير الدولي أوسكار رويز، لا يتواجد في مصر بشكل كافٍ للقيام بعمله، حيث قضى - بحسب البيان - "أغلب الشهرين الماضيين خارج البلاد بين تشيلي وكأس العالم تحت 20 عامًا، ثم قطر وكأس العالم تحت 17 عامًا"، ومع ذلك يتقاضى راتبًا كبيرًا بالدولار من ميزانية اتحاد الكرة.
ووصف البنّا هذا المشهد بأنه "إهدار للمال العام"، خاصة أن الفيفا، حين طلب منه الاتحاد محاضرين لتطوير الحكام، أرسل محاضرًا مصريًا هو الكابتن تامر دري، ما اعتبره البنّا دليلاً إضافيًا على أن "العنصر المصري مؤهل ومؤتمن وكفء، بينما يتم تهميشه محليًا".
وتساءل البنّا في بيانه بلهجة استنكارية: "هل يُعقل أن بلد بحجم مصر لا تمتلك 6 آلاف جمال الغندور أو عصام عبد الفتاح؟".. مؤكّدًا أن مصر مليئة بالكفاءات، وأن الحكم المصري يحتاج فقط إلى العدالة والتقدير وتكافؤ الفرص.
وفي ختام استغاثته، أكد البنّا أنه لا يسعى إلى مصلحة شخصية بعد إعلان الاعتزال، ولكنه يتحدث "إنقاذًا لمنظومة التحكيم المصري وحرصًا على المال العام ومستقبل الحكام الشباب". ودعا الرئيس السيسي إلى التدخل لإعادة الانضباط والشفافية داخل المنظومة، معربًا عن ثقته في "حكمة الرئيس وحرصه على مؤسسات الدولة".
رد اتحاد الكرة: التحقيق قائم وخطة التطوير مستمرة
من جانبه، أصدر الاتحاد المصري لكرة القدم بيانًا رسميًا ردّ فيه على ما تم تداوله.. حيث أعلن أنه تابع الشكوى التي تقدم بها الحكمان محمود البنّا وسامي هلهل، وقرر إحالتها بالكامل إلى لجنة الحكام الرئيسية برئاسة أوسكار رويز، لدراستها واتخاذ اللازم وفق اللوائح.
وأكد اتحاد الكرة أنه طلب من لجنة الحكام إعلان المعايير والضوابط الخاصة باختيار القائمة الدولية للحكام بشكل رسمي وواضح، بهدف تحقيق أكبر قدر من الشفافية والعدالة وضمان ضخ دماء جديدة في التحكيم المصري، وفقًا للمعايير الدولية المعتمدة من الاتحادين الدولي والأفريقي.
كما شدد الاتحاد على أن الاستعانة بخبرات تحكيمية أجنبية جاءت بناءً على طلب الأندية المشاركة في الدوري الممتاز، وذلك بعد تكرر شكاوى الأندية من مستوى التحكيم في بعض المباريات، مشيرًا إلى أن الهدف من الاستعانة بالخبراء الأجانب هو دعم المنظومة ورفع كفاءة إدارتها وتعزيز مبدأ الشفافية.
وأضاف الاتحاد أن الخبير الدولي أوسكار رويز يعمل ضمن خطة تطوير شاملة، تشمل تحديث برامج الإعداد الفني والبدني للحكام، وتقييم الأداء بشكل علمي، والدفع بعناصر شابة واعدة، بما يضمن إعادة بناء منظومة تحكيم مستدامة وقادرة على المنافسة في القارة الأفريقية.
وأكد البيان أن اتحاد الكرة "يحترم كل الكفاءات المصرية ويقدر تاريخ الحكام المصريين"، لكنه في الوقت نفسه يسعى إلى الاستفادة من الخبرات الدولية الحديثة من أجل تطوير الأداء، في إطار خطة إصلاح أكبر تشمل جميع عناصر اللعبة.
أزمة مستمرة وتوقعات بتحركات جديدة
تجدد الأزمة بين الحكام المصريين واتحاد الكرة فتح ملف التحكيم مرة أخرى، في وقت يعاني فيه الدوري الممتاز من توترات تحكيمية متكررة، وطلبات عديدة من الأندية بضرورة تحسين مستوى إدارة المباريات.
وترى مصادر داخل الوسط الرياضي أن الأزمة لن تتوقف عند هذا الحد، وأن استغاثة البنّا - بوصفه أحد أبرز الحكام الدوليين - قد تدفع إلى مزيد من المراجعات داخل اتحاد الكرة، وربما إعادة تقييم منظومة الاستعانة بالخبراء الأجانب، خاصة في ظل الانتقادات المتكررة لغياب التواصل بين رئيس لجنة الحكام وعدد كبير من الحكام المحليين.
في المقابل، يتمسك اتحاد الكرة باستكمال خطته في التطوير، مع وعد بدراسة جميع الشكاوى بشكل قانوني ومهني دون أي انحياز.
قد يعجبك أيضاً



