بأدائها السلس المبني على التمريرات القصيرة "تيكي تاكا"، أحرزت إسبانيا لقب المونديال للمرّة الأولى في 2010، بعد نسخة إفريقية أولى فريدة بأنغامها وصاخبة بتشجيعها، شهدت عصيانا فرنسيا غريب الأطوار وتوقعات أكثر غرابة من أخطبوط اسمه بول.
بعد فكّها أسر نظام الفصل العنصري في 1991، تفوّقت جنوب إفريقيا على المغرب (14-10)، واستضافت النهائيات في 10 ملاعب دون مشكلات، رغم تخوّف من الأمن، الإقامة والنقل.
صدحت أغنية واكا واكا بصوت المغنية الكولومبية شاكيرا محققة انتشاراً عالمياً كاسحاً. لكن الفوفوزيلا، وهي بوق بلاستيكي طويل يصدر صوت سرب من النحل أو محرّك زورق يختنق، خلقت ضوضاء تحوّلت من بدعة خفيفة الظل افتتاحا إلى ضجيج مريع.
آلة الجحيم والأخطبوط العراف
أزعجت القنوات الناقلة ولاعبين على غرار الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، لإعاقتها التواصل بينهم، فوصفها أحد الصحافيين بـ"آلة الجحيم".
ولم تكن كرة جابولاني الرسمية أكثر ترحيبا، لصعوبة توقع مسارها، فوصفها حارس البرازيل جوليو سيزار بانها "كرة سوبرماركت" واتفق معه معظم زملائه.
وانضم الأخطبوط بول، من مقرّ إقامته في أوبرهاوزن، إلى ابتكارات المونديال، فتوّقع نتائج ألمانيا السبع، إسبانيا في النهائي و12 من أصل 14 مباراة.
شهدت البطولة مفاجآت، فأقصيت إيطاليا حاملة اللقب وفرنسا بطلة 1998 من الدور الاول، وبلغت 6 منتخبات أوروبية فقط من أصل 13 دور الـ16، لكن إسبانيا وهولندا أفلتا من الكماشة.
أصبحت جنوب افريقيا أوّل مضيف يفشل في تخطي الدور الاول، توّج منتخب أوروبي خارج القارة العجوز للمرّة الاولى، فيما كان معدل الأهداف (2.27) الأدنى منذ 1990.
فضيحة فرنسية
ودّعت فرنسا كأس أوروبا 2008 باكرا، ولاحقت فضائح أخلاقية مهاجميها كريم بنزيما وفرانك ريبيري وخاضت ملحق التأهل للمونديال أمام إيرلندا.
بلمسة يد فاضحة من تييري هنري طاردته بتعمّد الغش، تأهلت فرنسا وعوّض فيفا على إيرلندا بـ5 ملايين دولار، لكن وصيفة 2006 لعبت بأجواء مسمومة، تمرّد ومشكلات بين اللاعبين.
تعادلت مع الأوروجواي افتتاحا من دون أهداف، وفي استراحة الثانية ضد المكسيك (0-2) توجّه المهاجم نيكولا أنيلكا بأفظع العبارات لمدرّبه ريمون دومينيك، فاستُبعد عن المنتخب.
وقبل المباراة الثالثة ضد جنوب إفريقيا (1-2) وقع شجار بين القائد الجديد باتريس إيفرا ومدرب اللياقة، فانسحب اللاعبون إلى الحافلة وقرأ دومينيك، الذي تحوّلت آراؤه حول التنجيم إلى مادة للسخرية، بيانا غاضبا من اللاعبين الذين لطخوا مشاركة الديوك.
التمهيد للفار
كانت إنجلترا متأخرة 1-2 أمام ألمانيا في ثمن النهائي، عندما أطلق فرانك لامبارد تسديدة بعيدة ارتدت من العارضة على بعد متر داخل المرمى في بلومفونتين، لكن الحكم الأوروجوياني خورخي لاريوندا رفض احتساب الهدف، فخسرت إنجلترا 1-4.
وكانت هذه الواقعة من أسباب اعتماد تكنولوجيا خط المرمى لاحقا وحكم الفيديو المساعد "VAR".
أضافت ألمانيا الأرجنتين ومدرّبها دييجو مارادونا إلى قائمة ضحاياها (4-0) في ربع النهائي، فودّع ميسي (23 عاما)، أفضل لاعب في العالم 2009 وصاحب 47 هدفا في 53 مباراة مع برشلونة الإسباني، البطولة دون تسجيل أي هدف.
توقف مشوار "دي مانشافت" في نصف النهائي على يد إسبانيا برأسية بويول، ولم يكن حال البرازيل أفضل، فخرج كاكا ورفاقه من ربع النهائي على يد هولندا (1-2).
يد سواريز

كانت غانا قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح أوّل منتخب إفريقي يبلغ نصف النهائي، لولا خسارتها الغريبة بركلات الترجيح أمام الأوروجواي.
حصلت على ركلة جزاء في الوقت بدل الضائع من الوقت الإضافي، بعد تعمّد لويس سواريس ابعاد الكرة بيده من باب المرمى، بيد أن أسامواه جيان، بطل ثمن النهائي ضد الولايات المتحدة (2-1 بعد التمديد)، ارتدت قنبلته من العارضة.
وأبعدت يد سواريز، الهدف ثم تفوّقت أوروجواي دييجو فورلان بركلات الترجيح.
شرح قائد الأوروجواي دييجو لوجانو حركة زميله سواريس، قائلا "هو مجنون بقدر ما هو ذكي.. نحن معتادون على تصرفاته الجنونية".
وتوقّفت مغامرة الأوروجواي، العائدة إلى نصف النهائي بعد 4 عقود، أمام هولندا 2-3، ثم حلّت رابعة بخسارتها أمام ألمانيا 2-3، بقيادة فورلان صاحب 5 أهداف، على غرار الألماني توماس مولر الذي نال الحذاء الذهبي مع تمريراته الحاسمة الثلاث، الهولندي ويسلي شنايدر والإسباني دافيد فيّا.
غزوة إسبانيا
لم تكن إسبانيا قد بلغت النهائي في تاريخها، واستهلت مشوارها بخسارة أمام سويسرا بهدف رغم أفضليتها.
أطلقت انتفاضة محققة 6 انتصارات توالياً على هندوراس (2-0) وتشيلي (2-1) ثم بهدف على كل من البرتغال والباراجواي وألمانيا وهولندا، مربكة خصومها بأسلوب تيكي تاكا المرتكز على الاستحواذ والتمريرات السريعة.
شكّل المدرّب فيسنتي دل بوسكي استمرارية لسلفه لويس أراجونيس في أوروبا 2008، لكن قبل ذلك تميّز الاسبان بـ"لا فوريا روخا" (الغضب الأحمر) المعتمد على الجهد البدني، الروح القتالية والشجاعة.
عرف "صاحب الشاربين"، كيف يخمد شرذمة محتملة بين لاعبي القطبين برشلونة وريال مدريد، فنسج اللاعبون صداقات، مظهرين تفاهما وثقة كبيرين.
النهائي القاتل
شكّل "العقل" إنييستا ثنائيا رهيبا في خط الوسط مع زميله في برشلونة "الماكينة" تشافي، وأنقذ دافيد فيا بأهدافه الخمسة تشكيلة أصبحت تلعب دور مصارعي الثيران.

أصبحت إسبانيا بين 2007 و2010 الأقوى في العالم مع 55 مباراة حققت فيها 50 فوزا مقابل خسارتين فقط، على غرار مجر الخمسينات، برازيل بيليه وفرنسا زيدان بين 98 و2001.
لوّح نلسون مانديلا بيده قبل أسبوع من عيده الـ92، في ستاد سوكر سيتي في جوهانسبورج.
نهائي خشن بحرارة منخفضة (14) شهد توزيع 14 بطاقة صفراء بينها 9 لهولنديين حاولوا تشتيت تركيز الخصم.
بعد نصف ساعة، طار لاعب وسط هولندا نايجل دي يونغ موجهاً ركلة عنيفة على صدر تشابي ألونسو، فلم يحصد من الحكم الإنجليزي هاورد ويب سوى بطاقة صفراء.
قال ألونسو "شعرت وكأن جسدي قد تمزّق، ولم يتم تجميعه بشكل صحيح. بعد الفوز كانت الناس ترش المياه في كل مكان، طلبت منهم التوقف لأن حتى المياه كانت تؤلمني".
أهدر الهولندي أرين روبن انفرادا صريحا أمام الحارس إيكر كاسيّاس (62)، ومثله فعل سيسك فابريجاس أمام مارتن ستيكلنبورج في الوقت الإضافي (95).
وبعد طرد الهولندي جوني هايتينجا (109)، وصلت كرة فابريجاس إلى إنييستا عالجها بقوة في الشباك قبل 4 دقائق من ركلات الترجيح، ليحقق أول لقب لإسبانيا ويكبد هولندا خسارة ثالثة في النهائي بعد 74 و78.
أمضى إنييستا معظم موسم 2010 يتعافى من إصابة بفخذه وأخرى نفسية جراء وفاة صديقه داني خاركي قائد إسبانيول، بعد هدف التتويج، خلع قميصه فظهرت عبارة "داني خاركي، معنا دائماً".
|||3|||
قد يعجبك أيضاً



