كان عام 2012 شاهدا على ملحمة مبهرة وعامرة بالنجاحات سجلها
كان عام 2012 شاهدا على ملحمة مبهرة وعامرة بالنجاحات سجلها المستثمرون العرب ببصماتهم في كبرى دوريات كرة القدم في العالم، فأثبتوا جدارتهم في عالم تسيطر عليه المادة، ونجحوا في تصعيد أندية مغمورة الى مصاف عمالقة أندية الأرض.
مانشستر سيتي حقق معجزة بالتتويج بالدوري الإنجليزي الأقوى في العالم بعد 44 سنة عجاف، ومالاجا يناطح الكبار في إسبانيا ويحقق حلم التأهل لدوري أبطال أوروبا، وباريس سان جيرمان كان قاب قوسين أو أدنى من لقب الدوري الفرنسي لولا أن فقده في الجولة الاخيرة، وكل ذلك تحت كنف إدارات عربية صنعت المستحيل في زمن قياسي.
إذاً الأمر معني بالاموال في المقام الأول، لكن هذا لا يغفل النجاح الإداري للأثرياء العرب في دول القارة العجوز الذي مكنهم من تغيير خارطة الكرة في العالم، والدليل أن هناك أندية كثيرة في العالم تحيى تحت مظلة ثروات ملاكها الطائلة، لكنها لا تحقق نجاحا مماثلا.
كما أنهم لم يعتمدوا على مرجعية أو يقلدوا مثالا موازيا باستثناء تجربة الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش مع تشيلسي الإنجليزي.
ففي البريمير ليج أنهى "السيتيزنز" ديكتاتورية الجار مانشستر يونايتد وكسروا احتكاره للبطولة العريقة بأن انتزعوا الكأس من انيابه بعد موسم تاريخي سيظل محفورا في ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة.
وعكف الملياردير الإماراتي سليمان الفهيم (35 عاما) مالك النادي منذ استحوذ عليه على تحويله من فريق مغمور ينافس على البقاء والهرب من شبح الهبوط الى فريق عظيم يكتسب شخصية البطل، وذلك بالاعتماد على كتيبة من أمهر نجوم العالم ممن يملكون نهما وجوعا للبطولات في المقام الأول، وبخلاف ذلك يساهمون في استقطاب مزيد من الارباح والاموال لخزانة النادي.
بدأ المشروع قبل ثلاثة اعوام باستقدام نجوم ذائعة الصيت أمثال البرازيلي روبينيو والأرجنتيني كارلوس تيفيز والتوجولي إيمانويل أديبايور والويلزي كريج بيلامي والإيفواري كولو توريه، وبدأت ثمار النجاح تؤتي أكلها شيئا فشيئا.
ولكن الفريق كان بحاجة لنجوم أكثر ثقلا، فكان التعاقد مع الهداف الأرجنتيني سرخيو أجويرو والمهاجم الإيطالي المشاغب ماريو بالوتيللي والبوسني القناص إدين دجيكو لتشكيل خط هجوم ناري، فضلا عن ساحر خط الوسط الإسباني ديفيد سيلفا، وترمومتر الفريق الإيفواري يايا توريه، والفرنسي المهاري سمير نصري، تحت قيادة فنية من الإيطالي المحنك روبرتو مانشيني.
كان موسم مان سيتي عامرا بلحظات النشوة وخيبة الأمل، فتوالت الاخفاقات المحلية مع صدمة الخروج من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا ومن بعده الدوري الأوروبي، ليبقى بصيص الأمل في البريمير ليج، حيث ظل فريق أنشيلوتي محتفظا بالقمة لفترة طويلة قبل أن يدخل في سلسلة من النتائج المخيبة التي حولت الدفة الى الجار اللدود، لكن مؤشر البوصلة عاد مجددا الى ابناء السيتي في الجولة الاخيرة بهدف أجويرو الأسطوري في الدقيقة 94 امام كوينز بارك رينجرز بملعب الاتحاد.
جميع المؤشرات تؤكد اننا بصدد عملاق إنجليزي جديد قد يكون حاضرا بمنصة التتويج بالشامبيونز ليج خلال وقت قريب لينضم الى صفوة أندية العالم، ان لم يكن قد انضم اليهم بالفعل.
وبالمثل لعبت الإدارة الإماراتية لمان سيتي دورا كبيرا في إكسابه شعبية طاغية في مختلف دول العالم حتى باتت لديه روابط مشجعين دولية، كما أصبح قميصه سماوي اللون في مقدمة القمصان الرياضية الأكثر مبيعا، في مثال آخر على نجاح سياسة التسويق الرياضي.
وبالانتقال الى بلاد الأندلس، فقد كان مالك نادي مالاجا، الملياردير القطري الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، واثقا من أن فريقه الذي كان يقاتل في السابق على الخروج من دوامة الهبوط، سيكون قادرا على كسر احتكار القطبين ريال مدريد وبرشلونة للبطولات في إسبانيا خلال وقت قريب، وإن كان الأمر قد لاقى سخرية الكثيرين.
لكن في موسم واحد تبدل الحال الى الحال، فقد أثبت مالاجا بقيادته العربية أنه من طينة الكبار باتباع نفس السياسة المالية، وذلك بالتعاقد مع مدرب له ثقله في الليجا، وهو التشيلي مانويل بيليجريني مدرب ريال مدريد السابق، برفقة نخبة من اللاعبين الافذاذ مع خلق توازن رائع بين عناصر الخبرة والشباب.
استعان مالاجا بقدرات الهداف الأسطوري وعاشق الشباك الهولندي رود فان نيستلروي، والموهبة الرائعة سانتي كازورلا ولاعب الوسط الفرنسي الدولي جيريمي تولالان والمهاجم الفنزويلي المتميز سالومون روندون والمخضرم الإسباني خواكين سانشيز، بجانب المدافع الهولندي الدولي يوريس ماتيسين.
في واقع الأمر لم يقو مالاجا على التفوق على الريال والبرسا، لأن ذلك لم يعد يحدث سوى نادرا، لذا فإن طريقه نحو الليجا او كأس الملك كان مسدودا بسببهما، لكنه ناضل لدخول المربع الذهبي ونجح في مبتغاه ليصعد الى الملحق المؤهل للشامبيونز ليج، ويبشر جماهير الجنوب الإسباني بمستقبل واعد لفريقها.
في فرنسا كان الأمر مختلفا تماما مقارنة بما سبق، فقد حملت إدارة باريس سان جيرمان القطرية برئاسة ناصر الخليفي على عاتقها مسئولية تحويل الدوري الفرنسي برمته الى دوري ممتع قادر على جذب الاضواء على غرار البريمير ليج والليجا والكالتشو.
وبالفعل كان فريق العاصمة الفرنسية خلال الموسم المنقضي وجهة لعدد من مشاهير اللعبة، امثال الأرجنتيني خافيير باستوري والفرنسي جيريمي مينيز والبرازيليين أليكس وماكسويل وغيرهم.
ويسعى النادي الباريسي في الموسم الجديد لاستقطاب المزيد من النجوم الأكثر صيتا وشهرة امثال الإيطالي أليساندرو ديل بييرو والإنجليزي ديفيد بيكهام والبرازيلي ريكاردو كاكا والأرجنتيني جونزالو إيجواين، لينضموا للعمل تحت راية الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي.
صارع سان جيرمان كثيرا للتتويج بالدوري الفرنسي لكنه خسر اللقب في الرمق الاخير امام فريق مونبلييه الشاب، لكنه حقق حلم الصعود لدوري الابطال، وأظهر انيابه امام أندية القارة العجوز كقوة جديدة تبشر بالكثير لتغيير سمعة الكرة في بلاد الموضة والأناقة.