إعلان
إعلان

الخسارة أحيانا نعمة

علي ميرزا
04 أغسطس 202203:09
06

القاعدة‭ ‬الرياضية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬انتصار‭ ‬وخسارة‭ ‬ولا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬وقد‭ ‬يخرج‭ ‬لنا‭ ‬قارئ‭ ‬ويقول‭: ‬ماذا‭ ‬نقول‭ ‬عن‭ ‬نتيجة‭ ‬التعادل‭ ‬التي‭ ‬تسجلها‭ ‬بعض‭ ‬الألعاب؟‭ ‬ونقول‭ ‬له‭: ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬تعد‭ ‬انتصارا‭ ‬في‭ ‬حالات،‭ ‬وخسارة‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬أخرى‭ ‬بحسب‭ ‬ظروف‭ ‬وموقف‭ ‬المتنافسين‭.‬

وكثيرون‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬الانتصارات‭ ‬الرياضية‭ ‬بأن‭ ‬جلها‭ ‬نعمة،‭ ‬بينما‭ ‬الخسائر‭ ‬نقمة،‭ ‬وهذه‭ ‬النظرة‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬النظر،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬انتصار‭ ‬شكل‭ ‬خدعة‭ ‬للبصر‭ ‬قبل‭ ‬البصيرة،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬خسارة‭ ‬كانت‭ ‬لأصحابها‭ ‬غنائم‭ ‬تفوق‭ ‬انتصارات‭ ‬متعددة‭.‬

ليس‭ ‬مقصودنا‭ ‬من‭ ‬المقدمة‭ ‬السالفة‭ ‬أن‭ ‬الفوز‭ ‬والخسارة‭ ‬يستويان‭ ‬في‭ ‬عرفنا،‭ ‬أو‭ ‬أننا‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬الثقافة‭ ‬الانهزامية،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬مقدمتنا‭ ‬كانت‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المرمى،‭ ‬ولم‭ ‬نشر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الفهم‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬بعيد‭.‬

وإنما‭ ‬سقناها‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الخسارة‭ ‬التي‭ ‬مني‭ ‬بها‭ ‬منتخب‭ ‬شباب‭ ‬الطائرة‭ ‬أمام‭ ‬المنتخب‭ ‬السعودي‭ ‬الشقيق‭ ‬في‭ ‬نهائي‭ ‬بطولة‭ ‬غرب‭ ‬آسيا‭ ‬المنتهية‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القطيف‭ ‬السعودية،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نذهب‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬نظرتنا،‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬أحدا‭ ‬يفهم‭ ‬أننا‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحجيم‭ ‬الانتصار‭ ‬السعودي‭ ‬المستحق‭ ‬إزاء‭ ‬ما‭ ‬نطرحه‭ ‬من‭ ‬تفسيرات،‭ ‬وإنما‭ ‬فاز‭ ‬السعوديون‭ ‬لأنهم‭ ‬عرفوا‭ ‬كيف‭ ‬يفوزون،‭ ‬وخسر‭ ‬منتخبنا‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬ننتصر‭.‬

نعود‭ ‬إلى‭ ‬لب‭ ‬موضوعنا،‭ ‬ونتساءل‭: ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬فاز‭ ‬منتخبنا‭ ‬في‭ ‬المباراة‭ ‬المذكورة؟‭ ‬بدون‭ ‬شك‭ ‬فإن‭ ‬الجميع‭ ‬سيفرح،‭ ‬وستنهال‭ ‬التهاني‭ ‬والتبريكات‭ ‬على‭ ‬المنتخب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب،‭ ‬وسينشغل‭ ‬الكثيرون‭ ‬بهذا‭ ‬الانتصار‭ ‬متى‭ ‬تحقق،‭ ‬وسيغطي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬النواقص‭ ‬والثغرات‭ ‬والأخطاء‭: ‬‮«‬وكأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تمام‭ ‬يا‭ ‬أفندم‮»‬‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الخسارة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تعري‭ ‬الأمور،‭ ‬ويفترض‭ ‬منا‭ ‬جميعا‭ ‬وخاصة‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬شأن‭ ‬المنتخب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬ونحلل‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬جزئياتها،‭ ‬وأن‭ ‬نكثر‭ ‬من‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬وكيف‭ ‬وماذا‮»‬‭ ‬ونراجع‭ ‬الحسابات‭ ‬كي‭ ‬نضع‭ ‬أيدينا‭ ‬على‭ ‬مكامن‭ ‬الأخطاء،‭ ‬وحتى‭ ‬نتفاداها‭ ‬في‭ ‬قادم‭ ‬المناسبات،‭ ‬إذن‭ ‬خسارة‭ ‬لقب‭ ‬غرب‭ ‬آسيا‭ ‬ليست‭ ‬عيبا،‭ ‬ولكن‭ ‬المنقصة‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬ونكتفي‭ ‬بالجملة‭ ‬المخدرة‭ ‬‮«‬القادم‭ ‬أفضل‮»‬‭ ‬فالقادم‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬إلا‭ ‬بالعمل‭ ‬الصحيح،‭ ‬وبتسمية‭ ‬الأمور‭ ‬بمسمياتها‭ ‬الصحيحة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬البطولة‭ ‬الآسيوية‭ ‬على‭ ‬الأبواب‭ ‬وشتان‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬غربها‭.‬

** نقلا عن صحيفة اخبار الخليج البحرينية
إعلان
إعلان
إعلان
إعلان