
تعتبر الأمريكية مونيكا سيليش، واحدة من أبرز لاعبات التنس عبر التاريخ، وكانت في طريقها لتحطيم جميع الأرقام القياسية، إلا أن حدثًا لم يكن على البال أوقف هذا الحلم.
فخلال مشاركتها في بطولة هامبورج الألمانية، وتحديدا يوم 30 نيسان/أبريل 1993، تعرضت سيليش لطعنة في الظهر من قبل أحد المشجعين، كانت سببًا في إنهاء مسيرتها بالملاعب الصفراء.
ويرصد كووورة في سلسلة "قصة صورة "، كواليس هذا الحادث المؤلم، والذي يعتبر واحدا من أبشع الحوداث في عالم الرياضة، وغير من تاريخ رياضة التنس.
بداية أسطورة
ولدت مونيكا سيليش في 2 ديسمبر/كانون أول 1973 بمدينة نوفي ساد اليوغسلافية، وبدأت بممارسة رياضة التنس في سن مبكرة، وعندما بلغت 13 عاما توجهت إلى الولايات المتحدة، الني منحتها الجنسية فيما بعد.
كانت بداية مسيرة مونيكا مختلفة تماما عن الجميع، ففي السنة الأولى من احترافها (15 عاما)، استطاعت التغلب على الأسطورة الأمريكية كريس إيفرت لتحقق أول ألقابها.
بعد ذلك وصلت إلى الدور نصف النهائي لبطولة فرنسا المفتوحة "رولان جاروس"، لكنها خسرت أمام المصنفة الأولى عالميا آنذاك الأسطورة الألمانية شتيفي جراف.
ومع كل هذه الإنجازات استطاعت أن تنهي موسمها الاحترافي الأول في التصنيف السادس عالميا، لتبرهن على أنها نجمة صاعدة بسرعة الصاروخ في رياضة التنس.
مسيرة حافلة
استطاعت سيليش خطف الأنظار بتحققيها لعدد كبير من الإنجازات في وقت قصير، ففي عامها الثاني من الاحتراف، فازت بـ6 بطولات متتالية، وحققت أول لقب لها في البطولات الكبرى، عندما هزمت جراف في نهائي بطولة فرنسا المفتوحة، لتصبح أصغر لاعبة تحقق هذا اللقب بعمر 17 عاما.
وتمكنت سيليش من الوصول إلى صدارة التصنيف العالمي، وهي بعمر 17 عاما، واستمرت مصنفة أولى لمدة 91 أسبوعا متتاليا، وبمجمل 178 أسبوعا كمصنفة أولى عالميا.
كما أنها حققت 53 لقبا خلال مسيرتها، واستطاعت الفوز بجميع بطولات الجراند سلام باستثناء بطولة ويمبلدون التي استعصت عليها كثيرًا.
وحققت النجمة الأمريكية، 6 بطولات متتالية من بطولات الجراند سلام، وفازت بـ33 مباراة في بطولة أستراليا دون أن تتعرض لأي خسارة.
طعنة غادرة
في ديسبمر/ كانون أول 1993، عندما كانت سيليش مسيطرة على عالم التنس كمصنفة أولى، وخلال مباراة جمعتها بالبلغارية ماجدالينا مالييفا، في بطولة هامبورج الألمانية، قام أحد المشجعين أثناء فترة الاستراحة بين الأشواط، بالتوجه إلى سيليش ليوجه لها طعنة في الظهر.
وأمام ذهول الجميع وصرخات مونيكا، توجه الطاقم الطبي إلى سيليش فورا وتم نقلها إلى المستشفى، الذي أكد أن الطعنة كانت قريبة من الرئتين وأن سيليش نجت بأعجوبة.
وبسبب هذه الطعنة خضعت الأمريكية لعملية جراحية، وفضلت الابتعاد عن الأنظار لمدة سنتين، حيث كانت تعاني من مشاكل نفسية ولم تظهر في أي حدث أو لقاء تلفزيوني طوال تلك الفترة.
حكم غير منصف
تم إلقاء القبض على الجاني بعد طعنه لمونيكا مباشرة، واعترف جونتر بارش خلال التحقيقات أنه أقدم على طعنها لأنها سيطرت على عالم التنس، وأنه من المعجبين بالألمانية شتيفي جراف.
واعترف المعتدي، أنه لم يكن يريد قتل سيليش، بل أراد التسبب لها بإصابة تبعدها عن الملاعب حتى تعود جراف للتصنيف الأول عالميا والسيطرة على البطولات.
وتم الحكم على بارش بالسجن لمدة سنتين ولم يعتبر الحادث شروعا بالقتل، ولم يقض بارش المدة كاملة، حيث أطلق صراحه بعد 6 أشهر فقط بسبب نوبات الاكتئاب الحادة وعدم أهليته العقلية، حسبما ادعت المحكمة.
وتأثرت نفسية سيليش كثيرا بعد الحادث ولم تكن راضية عن الحكم، وأكدت أنها كانت تتلقى تهديدات بالقتل قبل سنتين من وقوع الحادث.
محاولات يائسة
بعد ما يزيد عن سنتين من حادث الطعن الأليم، قررت سيليش العودة إلى الملاعب مجددا، وكانت الألمانية شتيفي جراف هي المصنفة الأولى عالميا.
لكن مارتينا نافارتيلوفا، رئيسة اتحاد التنس للسيدات الأمريكية آنذاك، منحت سيليش صدارة التصنيف مناصفة مع جراف، كون مونيكا كانت في الصدارة قبل تعرضها للطعن، معتبرة أن ماحدث لها خارج عن إرادتها.
لكن لم يعجب قرار نافارتيلوفا أغلب اللاعبات، حيث امتنعن عن التصويت.
ورغم ذلك استطاعت سيليش في أول ظهور لها بعد العودة تحقيق لقب بطولة أستراليا للمرة الرابعة بعد الفوز على الألمانية أنكه هوبر، كما حققت العديد من الألقاب، ووصلت إلى 4 نهائيات في بطولات الجراند سلام، وفازت ببرونزية أولمبياد سيدني 2000.
إلا أنها بعد مدة قصيرة أكدت أنها تعيش في مخاوف كبيرة وأنها فقدت شغفها في احتراف التنس، وليس بإمكانها تقبل تراجع نتائجها.
الاعتزال
بدأت سيليش الابتعاد عن الملاعب بشكل تدريجي، فكانت تشارك في بطولات قليلة، وكانت آخر مشاركة رسمية لها في بطولة فرنسا المفتوحة 2003 وودعت البطولة من الدور الأول للمرة الأولى في تاريخها.
وبعد هذه الهزيمة لم تشارك سيليش في مباريات رسمية واكتفت بخوض مباريات استعراضية وخيرية، حتى أعلنت اعتزالها بشكل رسمي في 2008.
قد يعجبك أيضاً



