إعلان
إعلان

وداعاً محمد علي

محمد جميل عبد القادر
11 يونيو 201608:08
mohammedjamil

أنا من الجيل الذي عايش الأسطورة محمد علي كلاي متتبعاً خطواته ونشاطاته وانتصاراته لحظة بلحظة.

كان بوسامته وقوة قبضته والتزامه بمبادئه يجذب إليه شباب العالم المتطلع في ذلك الوقت إلى التحرر من الإستعمار والتبعية والتمييز العنصري المقيت خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.

كنا نشعر أنه يمثلنا وأن فوزه فوز للمبادئ والقيم الإنسانية النبيلة التي كانت مفقودة في كثير من أنحاء العالم وما زالت.

محمد علي كلاي لم يكن بطلاً في الملاكمة فقط يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة ويلقي بأبطال العالم في الوزن الثقيل أرضاً في الضربات القاضية ، فلقد كان شجاعاً جداً عندما اعتنق الإسلام السمح في مجتمع لم يكن يعرف عن الإسلام شيئاً كثيراً وكان جريئاً وبطلاً عندما رفض التجنيد لقتال الشعب الفيتنامي على أرضه وسط عشرات الألوف من الضحايا الأبرياء والدمار الشامل.

لقد طاف العالم والتقى بمعظم قادته وزعمائه خاصة المنطقة العربية ، حيث كان له احترام وتأثير كبير على هؤلاء القادة الذين استقبلوه استقبال الأبطال.

لقد انطفأ وهج بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل مع اعتزال محمد علي كلاي للعبة ولم تعد الآن كما كانت.

لقد أتيح لي المجال أن أرى البطل العملاق مرتين الأولى عندما قدم مباراة استعراضية في القاهرة.

عام 1976 حيث ذهبت من عمان إلى هناك لمشاهدة هذا البطل الوسيم القوي الإرادة والعزيمة والشكيمة المتبحر في فنون اللعبة التي أضاف إليها الكثير من فنونها وأساليب لعبها وجعلها منبراً رياضياً فاعلاً.

المرة الثانية كانت عام 1984 في دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس حيث التقى البطل بعدد من أعضاء الوفد الأردني للأولمبياد بحضور الزميل الكبير محمد أبو الطيب والزميل مضر المجذوب وكان قد بدأ مرض باركنسون (الشلل الرعاشي) يفتك به رويداً رويداً وتحدث إلينا همساً وببطئ شديد عن طموحاته في تحقيق العدل والسلام وجعل الرياضة طريقاً مفروشاً بالخير والمحبة والوفاق بين بني البشر في العالم.

لقد عبرت الجنازة المهيبة الرسمية والشعبية الإستثنائية التي صاحبت رحيل البطل إلى مثواه الأخير عن محبة وتقدير العالم له ولدوره الرياضي والإنساني والبطولي والتاريخي.

لم نرى جنازات بهذه الضخامة سوى للقادة الكبار في العالم سواء في الغرب أو الشرق وفيها تقدير عميق للرياضة والرياضيين الذين يحفرون أسماءهم بحروف من ذهب في سجل تاريخها.

لقد رحل محمد علي إلى جوار ربه تاركاً تراثاً وقيماً وإنجازات للأجيال القادمة التي تحتاج إلى أمثاله.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان