إعلان
إعلان

«محمد علي كلاي» كقدوة حسنة

الشيخة حصة الحمود السالم
10 يونيو 201603:21
ca51eba190

غالبا ما يشغل تفكيرنا البحث عن القدوة الحسنة، والقدوة من الاقتداء والاقتفاء، وهو تتبع الأثر أو المنهج في عموم الأمر، ودائما ما نبحث لأنفسنا عن القدوة الحسنة لنا ولأطفالنا، كنوع من التحفيز للتحرر من سجن العادات اليومية والأفكار التقليدية المعلبة، ونخشى على أنفسنا من أن نكون لاإراديا امتداد لحالة الجمود والكسل والاحباط التي أصابت مجتمعاتنا العربية، حتى أصبحنا نخشى على أبنائنا من الفتنة في كل شيء، فلا احتفظنا بقيم الآباء والأجداد في مجتمعات آمنة محافظة، ولا نستطيع الفكاك من مستجدات العصر، ومتطلبات الحداثة والتحديث في هذا الكيان المجتمعي المحافظ، فاختلطت علينا الأمور، وزاد الخوف على الأبناء، والشفقة عليهم منا نحن الآباء، لأننا نريد لهم الخير والأمن بما نملكه من خبرات، وفى نفس الوقت لا نريد أن نفرض عليهم ما لا يناسب جيلهم، وما يؤثر على تكوين شخصيتهم.

لقد تبادر الى ذهني ذلك الأمر، وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي، وكيف أن رحيله أحزن الكثير من الناس بمختلف أعمارهم، وذهب كثير من الشباب الى متابعة تسجيلاته القديمة في جولات الملاكمة، وفى حواراته التلفزيونية، فالراحل لم يكن فقط أفضل رياضي في القرن العشرين فحسب، ولكن كان أيضا بطلا في شخصيته القوية خارج الحلبة، وفي ثقافته ووعيه وصبره وعزيمته واتساقه مع مبادئه، وخاصة بعد اعتناقه الاسلام، والذي كان محمد علي كلاي ينظر من نافذته الانسانية كرسالة عالمية، ويا ليت المسلمون حاليا يفهمون دينهم كما كان يفهمه البطل الذي رحل عن عالمنا بجسده وبقي فينا بتكامله الرياضي والانساني، محمد علي كلاي الذي ولد لأسرة مسيحية، دخل الاسلام من الباب الكبير، باب الرحمة، والعدل، والمبادئ العظيمة، فأصبح عظيما في قلوب الجميع، ولم يدخله من باب المذهبية الضيق، حيث ثقافة القتل، والتكفير، والتفجير، والاقصاء للمخالف. 

لا شك أن أشدنا احتياجا للقدوة الحسنة هم أبناؤنا، هم ثمار حياتنا اليانعة، وهم بحاجة الى من يرشدهم، ويحفزهم لثقافة الحب والخير والجمال، يحتاجون لمن يحنو عليهم، ويمسح دموعهم، ويرشدهم الي الطريق السليم، فللأسرة دور عظيم، لأن الأسرة هي الحصن والأمان، وعليها مسؤولية مراقبة الأبناء، وتربيتهم على القدوة الحسنة، وثقافة الرحمة، والالتزام الأخلاقي، محمد علي كلاي هو النموذج والقدوة الحسنة العصرية، التي يجب أن نربي عليها الأبناء في كيفية الجمع بين القوة والبطولة والإنجاز، وبين الاعتزاز بالدين، وفهمه بشكل صحيح، حتى لا يقع أبناؤنا في براثن التطرف الفكري، والاقصاء، والانحراف بكل صوره وأشكاله... النماذج كثيرة ولكنني اخترت البطل محمد علي كلاي، الذي أبهر العالم من عشرات السنين حتى للأجيال الحالية التي لم تعاصره، لأن القوة والإبهار ينبعان من الذات، ولا يحتاجا الى الترويج الدعائي.

لذا أنصح كل أب وأم بتنشئة الأبناء على القدوة الحسنة، وخاصة في مرحلة الطفولة، لأن الطفولة صفحة بيضاء، يتشكل فيها الوعى، وتبدأ تتضح فيها معالم الشخصية المستقبلية، فأبناؤنا هم رأسمالنا في هذه الحياة، ويجب علينا الحفاظ عليهم، وان نكون قدوة لهم، أو نبحث لهم عن قدوة حسنة، حتى لا نلومهم ان اختاروا هم قدوتهم على حسب أهوائهم.

* نقلاً عن صحيفة الأنباء الكويتية

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان