(2) ميسي يلاحق بيليه.. هل حُسمت حقا قصة الأفضل في التاريخ؟

يعد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو الأكثر تميزا في العصر الحديث، ويستمر الجدل والنقاش حول من هو الأفضل منهما، فالبعض يفضل "الدون"، بينما يُجزم آخرون بأنه لا يوجد أعظم من "البرغوث". 

ومن وجه آخر وبمقاييس أخرى يحتل البرازيلي بيليه مكانة خاصة في تاريخ كرة القدم في ظل موهبته النادرة، التي طوَّعَت له "في زمنه" كل الألقاب الممكنة منذ خمسينيات القرن الماضي حتى تعليق حذائه في السبعينيات ومن بعده يأتي كثير من الأساطير الذين يتقدمهم مارادونا ليثيروا دائما المقارنات حول حقيقة لقب "اللاعب الأفضل في التاريخ".

كانت تلك المقارنات تأخذ حيزا من الاهتمام من حين لآخر، سواء بين  بيليه ومارادونا أو لاحقا بين رونالدو وميسي، إلا أنه مع تتويج الأخير بكأس العالم الماضية "قطر 2022" تصدر الواجهة وبدا أن النقاش لدى الكثير قد حسم بأنه صار "الأفضل في التاريخ".

لكن هل حقا أنهى ميسي الجدل؟

يستكمل كووورة هذه الرؤية في حلقة ثانية (يمكنكم قراءة الجزء الأول هنا) للكشف عن زاوية مختلفة من بعد آخر حول تلك القضية الجدلية التي تداخلت فيها معايير عدة، وتباينت معها الآراء بين الإحصاءات والأهداف والنظرة الخاصة للموهبة والتفرد.

وتأتي هذه الحلقة ضمن سلسلة "بعدٌ ثالث" التي تُعنى برصد وتحليل العلاقة القريبة للغاية بين كرة القدم والعلم، الثقافة، التعليم، الصحة، التغيرات الاجتماعية، وغيرها.

عين واحدة!

كانت أوروبا ولعقود طويلة لا ترى سوى بعين واحدة ولا تعترف بالتميز سوى للاعبين من داخل بلدانها وعلى هذا الأساس دشنت مجلة فرانس فوتبول العريقة جائزة الكرة الذهبية التي صارت بمرور الزمن درة تاج التقييمات الفنية وإن بدت اختياراتها غريبة في سنوات كثيرة.

في عام 1956 مُنحت الكرة الذهبية لأول مرة للإنجليزي ستانلي ماتيوس، وفي العام نفسه، بدأ نجم شاب مسيرته مع الفريق الأول لسانتوس في البرازيل... فتى لم يبلغ حينها 16 عاما صار فيما بعد "الملك" بيليه.

وسرعان ما وضع لنفسه مكانة غير مسبوقة فقد جمع بين المهارة الفائقة والقوة البدنية والأهداف، فحصد كل ما يمكن من ألقاب: كأس العالم 3 مرات (رقم قياسي فريد)، كأس ليبرتادوريس (مرتان)، كأس إنتركونتينيتال (الفكرة الأولى لمونديال الأندية) مرتان، والدوري البرازيلي 6 مرات، علما بأنه لم يلعب إلا لسانتوس ولم يخرج إلى أوروبا أبدا.

وبسبب ذلك حُرم بيليه من الجائزة الفردية المرموقة "البالون دور" طوال مسيرته وكذلك الأمر بالنسبة لمارادونا وغيرهما من نجوم القارات الأخرى.

لكن في عام 1995 تم تعديل لوائح الجائزة لتشمل من يلعب داخل أوروبا وحصدها الليبيري جورج ويا نجم ميلان السابق، ثم في 2007 باتت المنافسة متاحة لكل اللاعبين من أي جنسية حول العالم!

إعادة تقييم أم اعتذار متأخر؟

في عدد خاص لمجلة فرانس فوتبول نشرته في أكتوبر/تشرين الأول 2015، طرحت ضمنيا السؤال ذاته: ماذا لو كانت لوائح الجائزة تسمح للاعبين من خارج أوروبا بالمنافسة في سباق "البالون دور" في زمن بيليه؟

أكدت فرانس فوتبول أن بيليه كان يمكن له جمع 7 كرات ذهبية في سنوات مجده وعصره الذهبي وحددتها أعوام: 1958، 1959، 1960، 1961، 1963، 1964 و1970، (نقلا عن موقع شبكة RMC الفرنسية).

هل يوضح هذا الرقم المذهل الصورة المشوشة قليلا؟

بالطبع لو كان حصدها بيليه بالفعل لكان الأكثر تتويجا بالكرة الذهبية ولاختلف الصراع كثيرا حتى ظهور ميسي ورونالدو، ولتحول السؤال إلى: من يعادل رقم بيليه؟

ميسي الثالث؟ جدل مضاعف!

استعانت صحيفة ميرور البريطانية في تقرير نشرته الأسبوع الماضي بتطبيق الذكاء الاصطناعي الشهير ChatGPT للإجابة على السؤال المثير: من هم أفضل 10 لاعبين في تاريخ كرة القدم؟

كانت الإجابة: بيليه في المقدمة!

أما باقي القائمة فجاءت بالترتيب من الثاني للعاشر كالتالي: مارادونا، ميسي، كريستيانو رونالدو، يوهان كرويف، ألفريدو دي ستيفانو، فرانز بيكنباور، زين الدين زيدان، جورج بيست، بوشكاش.

ميسي أم رونالدو... بيليه يجيب:

لمّا سئل الأسطورة البرازيلي عن رأيه بشأن تفضيل ميسي أم رونالدو قال لشبكة "سبور تي في" البرازيلية التلفزيونية قبل سنوات قليلة من وفاته: "من المحزن أن تكون المنافسة بين لاعبين اثنين فقط".

وأضاف: "لكن من جانبي سأختار ميسي دائما. تسجيل الأهداف مهم من دون شك، لكن إن لم تجد من يصنعها لك فلن تكفيك الكرة وحدها".

وأوضح: "لذلك إن اخترت أحدهما لفريقي فأنا أفضل ميسي، مع التأكيد على أن كريستيانو رونالدو هداف عظيم، إنه قادر على تسجيل الأهداف، لكن ميسي يصنعها ويوجه مسار اللعب، كما يحرز الأهداف أيضا".

وأردف بيليه: "رونالدو هداف عظيم كما قلت لكن إن أردت الحديث عن اللاعب المتكامل فهو ميسي من دون شك، لذلك فهو الأفضل".

ويقدم Apple TV+ خدمة النقل المباشر لمباريات إنتر ميامي، ويمكن لعشاق ميسي في جميع أنحاء العالم مشاهدة كل مشاركاته (من هنا).