إعلان
إعلان

1954: سويسرا - معجزة بيرن ترد الإعتبار لألمانيا

KOOORA
08 مايو 200620:00
كابتن منتخب ألمانيا فريتز والتر يرفع الكأس عام 1954DPA
اعتاد السياسيون في الماضي على وضع العقبات في طريق بطولات كأس العالم ولكن في عام 1954 بسويسرا أخذت كرة القدم بثأرها.

فقد تولت الرياضة إدارة الدفة وبدأت تؤثر في عالم السياسة. وجاء فوز ألمانيا غير المتوقع بلقب هذه البطولة كأفضل رد اعتبار لها عقب الحرب العالمية الثانية معلنة اندماجها من جديد في المجتمع العالمي.

ومع عودتها إلى أوروبا اتخذت بطولة كأس العالم بعدا جديدا بإقامتها في سويسرا. فقد استغلت الدولة الاوروبية الصغيرة بطولة كأس العالم لتروج لنفسها كمنتجع سياحي وباعت أول تذكارات لكأس العالم كما شهدت أول تغطية تليفزيونية للحدث.

وتحولت بطولة كأس العالم إلى أحد أكبر احتفاليات كرة القدم على الاطلاق. وبوصول رصيد الاهداف الذي سجل خلالها إلى 140 هدفا بمتوسط 38ر5 أهداف في المباراة الواحدة احتفظت بطولة كأس العالم 1954 في سويسرا بمكانتها في التاريخ بأفضل معدل تهديفي.

كما شهدت البطولة العديد من الاحداث التي كانت لها أهمية كبيرة في مساهمة سويسرا في حركة تطور عالم كرة القدم. فقد شاركت الفرق الافريقية بنهائيات كأس العالم للمرة الاولى في تاريخها. كما وضع اللاعبون أرقاما على قمصانهم للمرة الاولى أيضا.

وتقدمت 45 دولة بطلبات للمشاركة في كأس العالم .1954 وإن كانت سبع من هذه الطلبات قد وصلت خارج الفترة المحددة للتسجيل. وفي النهاية لم يذهب إلى سويسرا سوى 16 فريقا. وأجريت بطولة كأس العالم 1954 في الفترة ما بين 16 حزيران/يونيو والرابع من تموز/يوليو بست مدن سويسرية واشتملت على أكثر أنظمة جداول المباريات تعقيدا في تاريخ كرة القدم.

ففي الدور الاول للبطولة وزعت الفرق على أربع مجموعات كل مجموعة تضم فريقين "مصنفين" وفريقين "غير مصنفين" وكل من القسمين لم يضطر لمواجهة الاخر. وفي دور الثمانية لم يلتق أوائل المجموعات مع ثواني المجموعات المقابلة لها كالمعتاد وإنما التقى الاوائل بالاوائل والتقت المنتخبات صاحبة المركز الثاني ببعضها البعض.

وكان أفضل من فهم هذا النظام هو المدرب الالماني سيب هيربرجر الملقب بالرجل العجوز أو "دير ألته" والذي لقن الجميع درسا في فن التخطيط.

ففي مباراتها الاولى فازت ألمانيا على تركيا 4/1 وفي مباراتها الثانية دفع هيربرجر بالفريق الاحتياطي لمنتخب ألمانيا ليخسر 3/8 من المجر التي كانت المرشحة الاولى لاحراز اللقب وشاركت بالبطولة بسجل نتائج خالي من الهزائم طوال أربعة أعوام.

ولكن هيربرجر تأكد من أن نجم المنتخب المجري فيرنك بوشكاش قد خرج من المباراة مصابا. وتعدلت الحسابات لاحقا عندما فازت ألمانيا على تركيا مجددا 7/2 في لقاء فاصل مما يعني أن ألمانيا أنهت الدور الاول في المركز الثاني بمجموعتها.

وفي دور الثمانية الذي تغلبت فيه المجر على البرازيل وأورجواي على إنجلترا لم تواجه ألمانيا أي مشاكل في التغلب على يوغوسلافيا.

وفي الدور قبل النهائي وبينما دخلت المجر وأورجواي في معركة شرسة بلوزان انتهت بفوز الفريق الاوروبي 4/2 بعد الوقت الاضافي تأهلت ألمانيا إلى النهائي بسلاسة تامة بتغلبها على النمسا 6/.1

وفي نهائي كأس العالم 1954 فرض لاعبو المجر الذين عرفوا بلقب "المجريين الساحرين" سيطرتهم منذ صفارة البداية وأحرزوا هدفين خلال العشر دقائق الاولى بالمباراة. ولكن مع الارهاق الشديد ووجود بوشكاش بنصف قوته فقط تمكنت ألمانيا من العودة للمباراة. وفاز لاعبو هيربرجر 3/2 وسط ذهول 64 ألف متفرج كان من بينهم 40 ألف ألماني اكتظ بهم استاد "فانكدورف" في بيرن. وأثار الفوز الالماني غير المتوقع كل أنواع الشك والريبة. ففي البداية تردد أن الاتحاد المجري لكرة القدم قد "باع" المباراة لالمانيا مقابل الحصول على جرارات لبلاده. ثم أثيرت شائعات لاحقا عن تعاطي اللاعبين الالمان للمنشطات بعد عدة حملات من التحامل عليهم.

ولكن كل هذه الشائعات كانت في المرتبة الثانية من حيث أهمية المباراة التي ربما تكون صاحبة التأثير الاعظم في التاريخ خارج إطار كرة القدم. لقد أعادت "معجزة بيرن" كما أطلق على المباراة منذ ذلك الوقت الكرامة والهوية الوطنية لالمانيا. وأصبحت ألمانيا مجددا دولة ذات وزن في المجتمع الدولي. وبات بوسع الالمان أن يفخروا علنا من جديد بكونهم ألمان.

لم تكن قد مرت أكثر من تسع سنوات على نهاية الحرب العالمية الثانية وكانت ألمانيا قد قسمت وتعيش في حالة من الخزي الاخلاقي نتيجة للجرائم التي اقترفت باسمها. وسعى معظم الالمان يبحثون عن الملاذ الامن وفي عام 1954 وقفت البلاد على أعتاب ما سمي بالمعجزة الاقتصادية.

فمن وسط الرماد المادي والمعنوي تأسست دولة جديدة مزودة بالنظام الديمقراطي الليبرالي الذي طبقته قوات الحلفاء بدعمها الاقتصادي القوي.

وأصر أول مستشار لجمهورية ألمانيا الفيدرالية كونراد أديناور على اندماج جمهوريته الشابة في مجتمع الدول الغربية. ولكن عدم ثقة الحلفاء والدول المجاورة في ألمانيا ظل مؤثرا.

وكان انتصار ألمانيا في كأس العالم 1954 هو بداية نهاية الكابوس الذي عاشت فيه البلاد طوال سنوات ما بعد الحرب.
إعلان
إعلان
إعلان
إعلان