
العودة إلى الزمن الماضي لهو شيء جميل ومشوّق، حيث استعادة شريط الذكريات التي "تعنُّ" في الذاكرة والخاطرة، ذكريات مليئة بالدهشة والمعلومة الفريدة والجديدة، ذكريات "تعجُّ" بالأسرار والإصرار، عندما نعود إلى الوراء لأكثر من "40" عاماً، "نفتحُ" دفتر الذكريات لنطالع صفحات الماضي المشرق، ولنقدم ما هو جديد ومفيد إلى جيل اليوم.
وفي الحلقة الثالثة من زاوية "أبيض وأسود"، نُلقي الضوء على المدافع رقم واحد في تاريخ كرة القدم الأردنية والذي حمل لقب "الفدائي" و"المدافع المقاتل أو الهدّاف"، حيث كان يحمل قلباً من حديد وهو يواجه المهاجمين بكل بسالة وشجاعة.
جلال علي، من لا يعرفه لا يعرف شيئاً عن كرة القدم الأردنية، فهو المدافع "الأنيق" لمنتخب الأردن وفريق الوحدات في عقدي الثمانينات والتسعينيات، وكان أفضل من يرتقي للكرات بالرأس ،ويتقن حركة "الدبل كيك"، ويشارك المهاجمين في تسجيل الأهداف، جلال علي حكاية تستحق الرواية، حكاية حروفها إنتماء ، عنوانها عطاء، وختامها وفاء.
ولنترك هنا الكابتن جلال علي ليتحدث عن نفسه، ويقص علينا أجمل الذكريات، ويبوح بأسراره المدهشة والمشوقة، وإليه نترك الكلام:
*أنا جلال علي مصطفى حمد، مواليد 1961، "55" عاماً.
*الصورة التي تنشرونها مع هذا الحوار "بالأبيض والأسود"، تحكي قصة هدفي من ضربة رأسية في مرمى الأهلي عام 1984، حيث أنا الذي أحمل رقم "4" والظاهر في الصورة.
*بدأتُ حكايتي مع كرة القدم في أزقة الزرقاء والمدارس، ثم انتقلتُ بعد ذلك إلى فريق صور باهر "القدس" حيث كان أحد الفرق الأردنية المصنف بالدرجة الثالثة، وفي العام 1982 انتقلتُ إلى نادي الوحدات.
*انتقالي لنادي الوحدات تحقق بفضل جهود المرحوم سليم حمدان الذي كان مصراً أن ارتدي القميص الأخضر، فدخل بمفاوضات طويلة مع نادي صور باهر لتتوّج الجهود من بعد مشقة بانتقالي لصفوف فريق الوحدات حيث حصل نادي صور باهر حينها على 300 دينار أردني فقط لا غير.
*لعبتُ بصفوف الوحدات منذ العام 1982، ولغاية العام 1991.
*لعبتُ لمنتخب الأردن من العام 1985، ولغاية العام 1990.
*على امتداد سنوات عمري الكروية وأنا شغل مركز قلب الدفاع.
*عاصرتُ جيلين من مدافعي الوحدات، فلعبتُ في البداية إلى جانب وليد قنديل وبكر جمعة وماجد البسيوني ومصطفى أيوب، وبعدها لعبتُ إلى جانب رائد عساف ويوسف العموري وناصر الحوراني.
*مع المنتخب لعبتُ إلى جانب المدافعين يوسف العموري ورائد عساف وعصام التلي.
*لم أقصد إلحاق الإصابة برهوان الكرة الأردنية ابراهيم مصطفى، وهنالك من يقول بأنني أنا من أنهى مسيرة الرهوان في ملاعب الكرة الأردنية، وهنا أقول بأن ابراهيم مصطفى حينما تعرض للإصابة لم يحتسب حكم اللقاء المرحوم أحمد الباشا خطأ على جلال علي حيث كانت الكرة مشتركة ،و فرملتُ حينها على الكرة وسقطت الكرة بين قدمي وقدم ابراهيم مصطفى، ولم ألمس قدمه قط وكان التحام طبيعي وقانوني تعرضت على أثر ذلك قدم الكابتن ابراهيم للكسر.
*بعد اصابة ابراهيم مصطفى، ذهبتُ والمدرب عزت حمزة وبعد نهاية المباراة مباشرة إلى المستشفى للإطمئنان على اصابة ابراهيم مصطفى.
*أفضل اللاعبين الذين لعبتُ إلى جانبهم في الوحدات خالد سليم وابراهيم سعدية وخالد عوض وتوفيق الصاحب وجمال بو عابد ومنيب غرايبة وراتب الداوود وفايز بديوي.
*الوحدات يعاني في الوقت الحالي من ضعف واضح في خط الدفاع، والسبب يعد لكثرة تغيير المدربين، فلا يوجد استقرار في الخط الخلفي للوحدات منذ سنوات، علماً أن أفضل مدافعي الكرة الأردنية في الزمن الجميل كانوا من فريق الوحدات.
*أهم مشاركاتي مع منتخب الأردن في تصفيات كأس العالم 86 ويومها صعد عن مجموعتنا الكويت واليابان التي تأهلت بفارق هدف عن منتخب الأردن، مثلما شاركت في تصفيات كأس العالم 90 وتصفيات أمم اسيا 88.
*أعلى مكافأة حصلتُ عليها:" لم أتسلم أي مكافأة مالية من نادي الوحدات حيث كنتُ أتبرع بمستحقاتي للجنة الفتيان الأيتام التابعة لنادي الوحدات، ولا أذكر بأنني طالبتُ يوماً نادي الوحدات بصرف قرش واحد لي.
*نادي الوحدات لم يقصر مع أي لاعب، وليس من المعقول أن يقف نادي الوحدات مع كل لاعب يعتزل كرة القدم فمنذ عقد الستينات وحتى يومنا هذا هنالك نحو ألف لاعب اعتزل كرة القدم في نادي الوحدات، فليس من المعقول أن يقوم الوحدات بمساعدتهم.
*تربطني علاقة طيبة مع القائمين على نادي الوحدات، وأشارك دائماٌ مع فريق قدامي الوحدات في المباريات والبطولات.
*قمتُ قبل شهر بزيارة إلى أمريكا والتقيتُ هنالك بالكابتن ناصر الحوراني والكابتن ميلاد عباسي، ولقد كنت سعيداً بهذا اللقاء.
*خالد سليم ورأفت علي وابراهيم سعدية وجهاد عبد المنعم، والكثيرون هم أساطير في نادي الوحدات.
*الإحتراف في الأردن ما يزال بحاجة للكثير، فالأندية تقوم بإحضار لاعبين أجانب تبلغ تكلفتهم "20" ألف دولار، وهؤلاء المحترفين لا يحققون الإضافة فلو أنهم يحققونها لكان سعر اللاعب منهم نصف مليون على أقل تقدير، ولذلك أعتقد بأن اللاعب المحلي ووفقا لامكانات الأندية الأردنية هو الأفضل لفرقنا.
*المرحلة المقبلة من بطولة الدوري ستشهد تنافساٌ قوياً، والوحدات قادر على العودة والمحافظة على لقبه ولا سيما أن الفوارق النقطية ضيئلة وكافة مستويات الفرق متقاربة، وعامل التوفيق فقط هو من جعل فريق يتقدم وآخر يتأخر.
*أحرص على متابعة كافة مباريات المنتخب الأردني وفريق الوحدات.
*مهمة المنتخب الأردني في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم وكأس آسيا ليست مستحيلة ولكنها صعبة حيث مواجهة استراليا بأرضها، لكن كرة القدم لا تعرف مستحيل ولا بد من الإجتهاد والتكاتف من أجل تحقيق الهدف.
*أهم ما كان يميز أسلوب لعبي كمدافع: الفرملة، الإرتقاء العالي وضربات الرأس، و الدبل كيك، وقد كنتُ أشارك في مباريات الوحدات بالضربات الركنية ، وسجلتُ للوحدات 8 أهداف.
*اعتزلتُ كرة القدم رسمياً في العام 1995 في مباراة جمعت الوحدات والفيصلي وكان عدد الحضور الجماهيري 7 آلاف متفرج، وقمتُ بتوزيع البطاقات الخاصة لمهرجان اعتزالي بالمجان على الجماهير والمحبين، ولم أقم بزيارة أي شركة لدعم مباراة اعتزالي، وحصلتُ على ألف دينار من الإتحاد الأردني الذي كان يصرف لكل لاعب أنهى مسيرته وسبق له تمثيل المنتخب ألف دينار.
*لست نادماً على ممارستي لكرة القدم، ولم أكسب منها سوى حب الناس والتعرف على الناس الطيبين.
*بعد كرة القدم، أعشق كرة الطائرة وألعاب القوى للمسافات الطويلة ومثلت منتخب عمان بذلك.
*عالمياً: أشجع ريال مدريد ولاعبيّ المفضلين هما الإيطالي جنتيلي وحالياً راموس.
*أجمل مباراة لعبتها مع الوحدات كانت أمام الفيصلي في كأس الكؤوس عام 1988 ويومها فزنا 2-0.
*من المواقف الطريفة التي رافقت مسيرتي الكروية ، ما حدث في مباراة الوحدات والفيصلي في كأس الكؤوس عام 1988، حيث اصطدمتُ يومها باللاعب جمال أبو عابد بالدقيقة 30 من زمن المباراة، لتنزف الدماء من رأسي، فتم وضع عصبة بيضاء حول رأسي، وأكملت الشوط الأول وأنا فاقد الذاكرة لا أعرف مع من ألعب وضد من ألعب ، حتى أنني وبحسب ما قالوا لي بأنني قمتُ بالفرملة على جمال أبو عابد ورائد عساف وأنا فاقد الذاكرة، وبين شوطي المباراة فقط استعدت ذاكرتي واكملت المباراة حتى نهايتها، وكانت هذه المباراة من أجمل مباريات حياتي علماً أنني بعد نهاية المباراة تبين بأنني بحاجة إلى "7" غرز في الرأس.
*لا أتمنى اللعب سوى بالزمن الماضي، كنا نلعب من باب عشقنا لكرة القدم وانتمائنا للنادي الذي نلعب له ولإسعاد الجماهير الغالية، بعكس لاعبي اليوم الذين يلعبون من أجل المال فتجد لاعباٌ ما يتنقل في موسمين بين ثلاثة أو أربعة أندية.
*شكراً لموقع كووورة على هذا اللقاء، مع تمنياتي للأمير علي بن الحسين بالتوفيق في انتخابات الفيفا التي تفصلنا عنها مدة شهر واحد فقط، فالأمير علي يستحق رئاسة الفيفا.



