تمتع الدوري السعودي للمحترفين بشعبية كبيرة حول العالم خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب استقدام نجوم الصف الأول، إلا أن الوجه الآخر لهذه النقلة قد يضر بمصلحة "الأخضر" في نهائيات كأس آسيا 2023.
وتغيرت ملامح الدوري السعودي في غضون عام، حيث انضم عدد كبير من نجوم الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، بدعم من صندوق الاستثمارات، لتتخذ المنافسة في المسابقة مسارًا آخر.
وكان انتقال كريستيانو رونالدو إلى النصر في فترة الانتقالات الشتوية، يناير/ كانون الثاني الماضي بمثابة الشرارة التي أشعلت ثورة الميركاتو السعودي.
ففي الصيف الماضي، سار عديد النجوم على خطى رونالدو، حيث انضم كريم بنزيما ونجولو كانتي وفابينيو إلى الاتحاد، ونيمار دا سيلفا وألكسندر ميتروفيتش وياسين بونو إلى الهلال، فيما انتقل رياض محرز وإدوارد ميندي وروبرتو فيرمينو إلى الأهلي، وتعززت قوة النصر بانضمام ساديو ماني، ومارسيلو بروزوفيتش.
ثورة الانتقالات لم تشمل النجوم داخل المستطيل الأخضر فقط، وإنما امتدت إلى مقاعد المدربين، حيث تعاقد الاتفاق مع ستيفن جيرارد، أسطورة ليفربول، ليقود الفريق.
وحينما تحدث جيرارد عن نقلة الدوري السعودي، قال إن رونالدو هو من فتح الطريق أمام انضمام النجوم إلى السعودية، كما أن تلك الصفقة أثرت على قراره الشخصي باتخاذ نفس الخطوة.
وأوضح جيرارد "أعتقد أن انضمام رونالدو، الأفضل في التاريخ كما يطلقون عليه، كان بمثابة صفقة ضخمة، أعتقد أن شعبية المسابقة ازدادت في العالم بسبب هذه الصفقة، وبعدها انضم عدد من الأسماء الكبيرة، ما كان له أثره في قراري".
القيمة السوقية للدوري السعودي تضاعفت لتصل إلى 989.42 مليون يورو هذا الموسم، مقارنة بـ349.89 مليون يورو الموسم الماضي، لتدخل ضمن أعلى 10 مسابقات حول العالم، وفقًا لموقع "ترانسفير ماركت" المتخصص.
ونتيجة لذلك، تهافتت الشبكات العالمية للحصول على حقوق بث مباريات الدوري السعودي، وبالتالي لم تعد مشاهدة المسابقة مقتصرة على الجماهير السعودية والعربية.
وكان منطقيًا أن يرتفع المستوى الفني للمسابقة، في ظل الخبرات الهائلة التي يتمتع بها المحترفون الـ8 في كل فريق، والتي من شأنها أن تفيد زملاءهم السعوديين، سواء المحليين أو الذين يلعبون للمنتخب السعودي.
لكن في المقابل، استحوذ الأجانب على التشكيل الأساسي لفرق الدوري، وبالتالي تقلصت أدوار لاعبي منتخب السعودية في أنديتهم، خصوصًا الـ4 الكبار.
صرخة مانشيني
ووجد روبرتو مانشيني، مدرب الأخضر السعودي، نفسه في أزمة بعد تراجع أدوار لاعبيه مع أنديتهم، خصوصًا في ظل عدم احتراف أي لاعب سعودي خارج دوري روشن.
وطالب مانشيني، في تصريحات إعلامية سابقة، مدربي الأندية الكبرى في الدوري بزيادة عدد الدقائق التي يحصل عليها اللاعبون الدوليون.
لكن الحال لم يتغير بعد مطالبات مانشيني، ما دعا المدرب الإيطالي لاقتراح فكرة مثيرة برعاية رابطة المسابقة، تقضي بانتقال الدوليين من الأندية الكبرى إلى أندية وسط الترتيب، لضمان المشاركة في المباريات، سواء كان هذا الانتقال نهائيًا أو على سبيل الإعارة.
اقتراح مانشيني لقى ترحيب مدربي أندية الوسط، لكنه قوبل بالرفض من مدربي أندية القمة، إذ يمثل الدوليون دكة بدلاء قوية لتغطية غياب المحترفين تحت أي ظرف.
ويريد مانشيني مشاركة عناصره الأساسية مع أنديتهم، استعدادًا للنهائيات القارية التي تقام في قطر خلال الفترة من 12 يناير/ كانون الثاني حتى 10 فبراير/ شباط المقبلين.
كيف تضرر الدوليون؟
وبالنظر لتشكيل منتخب السعودية في آخر ظهور ضد الأردن، سنجد أن الحارس الأساسي محمد العويس فقد مكانه في الهلال لصالح ياسين بونو، حيث لم يخض سوى 4 مباريات، جاءت كلها في دوري أبطال آسيا.
كما أن حسان تمبكتي، الذي انتقل مطلع الموسم من الشباب للهلال في أغلى صفقة للاعب سعودي في التاريخ، لم يخض سوى 7 مباريات كأساسي من أصل 26 مباراة خاضها فريقه في كل البطولات حتى الآن، حيث استحوذ كاليدو كوليبالي على موقعه.
عبدالإله المالكي هو الآخر لم يعد يشارك مع الهلال، حيث لم يخض أي مباراة كأساسي، واكتفى بـ26 دقيقة كبديل، توزعت على 7 مباريات، في ظل سيطرة روبن نيفيز على مركزه.
في المقابل، ظهرت في تشكيل المنتخب أسماء أخرى تشارك مع أندية الوسط بشكل مستمر، أبرزها عون السلولي (التعاون)، وعلي هزازي (الاتفاق)، وعباس الحسن (الفتح)، وعبدالله رديف (الشباب).
وخرج عبدالله الحمدان من حسابات مانشيني في القائمة الأخيرة، بعدما لازم دكة البدلاء لصالح ألكسندر ميتروفيتش.
ودفع فراس البريكان ثمن جلوسه بديلًا على دكة البدلاء لصالح روبرتو فيرمينو، إذ استبعده مانشيني من القائمة الأخيرة أيضًا، بعد أن كان المهاجم الأساسي لمنتخب الصقور في وقت سابق.
لكن تراجع مستوى فيرمينو مع الأهلي أجبر المدرب ماتياس يايسله على الدفع بالبريكان أساسيًا، ما قد يعيد اللاعب لحسابات مانشيني في كأس آسيا.