بقلم دانيال جارسيا ماركو وإجناسيو نايا
يقول كثيرون إن النمسا تمتلك العديد من الامور الجذابة وستكون مضيفة رائعة لكأس الامم الاوروبية القادمة (يورو 2008) التي تستضيفها بالتنظيم المشترك مع سويسرا في الفترة من السابع إلى 29 حزيران/يونيو المقبل.
ويعشق أسطورة سباقات سيارات فورمولا-1 النمساوي نيكي لاودا بلاده كثيرا لكنه يتحلى في نفس الوقت بالواقعية ولذلك لن يغلق عينيه أمام الاجواء الباردة الفاترة التي تنتظر يورو 2008 في النمسا.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة الانباء الالمانية (د ب أ) ، قال لاودا "الاثارة في النمسا حاليا هي الاثارة التي يتوقعها المرء في بلد تكون فيه قيمة كرة القدم (صفر)".
وأضاف "سيتوقف الامر على أداء المنتخب النمساوي في البطولة. وأظهر الفريق في الاونة الاخيرة أنه لا يؤدي جيدا وجميعنا يعرف ذلك.. والامل في إشعال الاثارة والحماس لدى النمساويين يتوقف على عبور الفريق للدور الثاني في البطولة".
والجدل الذي يدور حاليا في النمسا بشأن البطولة ومصير المنتخب النمساوي فيها ليس أمرا جديدا.
ووصل الامر في الشهور الماضية إلى مطالبة أعداد كبيرة من المشجعين في النمسا بضرورة اعتذار فريقهم عن عدم المشاركة في البطولة.
وأوضح خبراء اللعبة على أنه منذ وقت طويل لم يظهر منتخب أي من الدول المضيفة للبطولات الكبيرة بهذا الضعف قبل استضافة البطولة على أرضه.
وطبقا لمقولة شهيرة تبدو النمسا أكثر حماسا للعبة من جارتها سويسرا التي تشاركها في استضافة فعاليات البطولة ولكنها أقل من سويسرا في القدرة على المنافسة بالبطولة.
وأوضح لاودا أن بريق البطولة لن يظهر إذا خسر المنتخب النمساوي و"لكنه أمر طبيعي ومنطقي ويحدث في أي دولة".
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المنتخب النمساوي معجزة كروية تصعد به للدور الثاني في البطولة تنشغل بلاده للظهور بأفضل شكل ممكن أمام العالم من ناحية الاستضافة والتنظيم.
وقال لاودا الفائز بلقب العالم لسباقات فورمولا-1 ثلاث مرات سابقة "النمسا تشتهر بذلك".
وقال لاودا "إنه بلد لطيف. فيه كل ما تحتاجه من جبال للتزلج وبحيرات للاستمتاع في الصيف. فيينا عاصمة حضارية تماما ونفس الحال ينطبق على سالزبورج خاصة مع وجود مهرجان سالزبورج المتميز بالاضافة إلى إمكانية ممارسة رياضة التزلج".
ولم يذكر لاودا أي إشادة بالمدينتين الاخريين اللتين تستضيفان فعاليات البطولة في النمسا وهما إنسبروك وكلاجينفورت.
ويمثل لاودا نموذجا فريدا في هذه الدولة التي تمثل فيها الثلوج عنصرا مهما في الحياة والرياضة حيث أصبح واحدا من عدد قليل من رياضيي النمسا عرفوا النجاح الرياضي خارج هذا الجو البارد وبعيدا عن رياضات الجليد.
ولكن لاودا ليس رجلا عاديا وما زال وجهه يحمل بعض ملامح المرة الاولى التي نجا فيها من الموت وكانت عام 1976 .
وكان لاودا وقتها في السابعة والعشرين من عمره وكان في طريقه لاحراز لقب العالم للمرة الثانية ولكن النيران اشتعلت في سيارته خلال السباق على مضمار نوربرجرينج الالماني.
وعلى الرغم من ذلك فاز بلقب البطولة وأحرز لقبه الثاني في الموسم التالي مباشرة.
وبعد ذلك أسس لاودا شركة للخطوط الجوية واعتزل رياضة سباقات السيارات ثم عاد لها ليحرز لقب بطولة العالم للمرة الثالثة قبل أن يبيع شركة الخطوط الجوية التي أسسها.
وأجرى لاودا بعد ذلك عملية زرع لكليتيه ومنح فريق فيراري أفضل نصيحة في التاريخ حيث نصحه بالتعاقد مع الالماني مايكل شوماخر الذي تحول مع الفريق إلى أسطورة جديدة محطما معظم الاقام القياسية للعبة.
ومع كل هذه المسيرة الحافلة في حياة لاودا لم يعد غريبا أن يتحلى لاودا بالتفاؤل ويثق في قوته (وفي بلده) والقدرة على اجتياز الاوقات العصيبة.
وقال لاودا "أثبتنا مكانتنا في الاتحاد الاوروبي جيدا من خلال مرونتنا المعروفة. ونحن مع سويسرا نتميز عن الاخرين بمحاولتنا حل مشاكلنا بأنفسنا".
وألقت النمسا خلف ظهرها بذكريات سنوات العزلة التي أشار فيها العالم بأصابع الاتهام إلى النمسا.
ولم يعد السياسي المنتمي لاقصى اليمين يورج هايدر على علاقة بالنمسا كما أصبحت حكومة الائتلاف التي أنشأها حزبه جزءا من الماضي والتاريخ.
وقال لاودا "لم يعد ذلك موجودا. لدينا حكومة طبيعية تماما مثل حكومة ألمانيا أو أي دولة أخرى. لقد انتهت كل هذه الامور.. تراجعت نسبة البطالة وأصبح معدل النمو جيدا.. ألمانيا كانت نموذجا لنا في السنوات الماضية".
وتنمو النمسا وتتطور بمعدل أفضل من جارتها ألمانيا لكن ذلك يقتصر على النواحي الاقتصادية. أما فيما يتعلق بكرة القدم فتتفوق ألمانيا على النمسا كثيرا.
وفي النمسا ما زال الناس يتذكرون الفوز الذي حققه منتخبهم بقيادة النجم الكبير هانز كرانكل على نظيره الالماني في كأس العالم 1978 بالارجنتين ليكون الفوز الاول للفريق على ألمانيا بعد 47 عاما من التفوق الالماني. واعترف لاودا "لا يمكننا مقارنة أنفسنا بجيل السبعينيات".
وبعد هذا الفوز في كأس العالم 1978 التقى المنتخبان 12 مرة أخرى ففاز المنتخب الالماني في تسع مباريات وتعادلا في اثنتين بينما فاز المنتخب النمساوي في مباراة واحدة فقط كانت عام 1986 .
ويلتقي المنتخبان مجددا خلال فعاليات الدور الاول لبطولة يورو 2008 حيث تقام المباراة في العاصمة فيينا في نهاية مباريات الفريقين بالمجموعة الثانية.
EPA