
يُعدُّ نشأت أكرم، أحد أبرز نجوم الكرة العراقية على مدار تاريخها، وحقق العديد من الإنجازات الشخصية ومع المنتخب العراقي.
وحرص "دويتشه فيله" على إجراء حوار معه للحديث معه حول أوضاع الكرة العراقية واللاعبين العرب.
وجاء الحوار على النحو التالي:
عمرك الآن 33 عامًا، واعتزالك جاء في سن مبكر
كثيرون بدأوا يتساءلون لماذا اعتزلت، وأنا كان لديَّ هاجس بأن اليوم الذي أترك فيه الكرة، أكون محافظًا فيه على اسمي وسمعتي كلاعب وعلى تاريخي الذي صنعته مع المنتخب وإنجازاتي الشخصية والجماعية.
أعتقد أن كل الإنجازات التي يمكن تحقيقها، حققتها سواء على الصعيد الشخصي أو المنتخب، باستثناء تأهلنا لكأس العالم، ووصلت لقناعة بأنه في ذلك العمر، من المستحيل التأهل في ظل الظروف الموجودة بالبلد.
تنتمي لجيل حقق الفوز بكأس آسيا 2007.. وفزت بلقب أفضل لاعب بالبطولة. لماذا لم يواصل هذا الجيل؟
السبب يعود لسوء التخطيط والأنانية، التي كانت موجودة آنذاك لدى أعضاء ورئاسة الاتحاد.. في ذلك الوقت كان هناك غياب للتخطيط وإهمال للفريق وتغيير للكوادر التدريبية دائمًا.
هل تُرجع تراجع الكرة العراقية لمشاكل إدارية وتنظيمية وليس لنقص المواهب؟
نحن بلدٌ ولَّادٌ، وهناك مواهب كثيرة، لكن الجيل الجديد تنقصه ثقافة الاستمرارية، فعندما يؤدي لاعب مباراة أو اثنين مع المنتخب بشكل جيد يحصل على أكثر من عقد ويشتهر بسرعة؛ لكن سرعان ما يختفي.
ثقافة الاستمرارية ليست موجودة هنا. أما السبب الرئيسي فهو أنَّ القائمين على كرة القدم، أو الرياضة عمومًا لا يمتون بصلة للرياضة أصلاً. هناك أناس موجودون يحبون الأنا، والأنانية.
هل مشكلة المدرب من أسباب تراجع المنتخب العراقي؟
المشكلة أكبر من ذلك، فالمدرب مرجعه للاتحاد والوزارة.. بالتأكيد عندما يجد المدرب أرضًا خصبة بإمكانه أن يعمل فوقها؛ فسيبدع مثلما فعل البرازيلي زيكو.
جاء زيكو فعزل المنتخب عن المشاكل وغيرها؛ فتألق الفريق وحقق قفزة نوعية، سواء من حيث اختيار اللاعبين، أو التنظيم أو غيرها من الأمور، لكن سرعان ما حاربه الموجودون بالاتحاد على مستحقاته (المالية).
هل هناك فرصة للكرة العراقية لتعود وتنافس عربيًا وآسيويًا وربما أيضًا عالميًا؟
عالميًا لا. أما عربيًا فممكن. وأعتقد أنه عندما يكون هناك تغير جذري للقائمين على الكرة مع وجود تخطيط لدوري قوي، فسيولد جيلٌ جديدٌ ينافس.
جيلنا مثلاً يسميه أكثر الناس جيل 2004، أو 2007، بينما أنا أسميه جيل 2000، لأنها السنة التي حصلنا فيها على كأس آسيا للشباب ومن بعدها ولدت البطولات.
السبب هو أننا دخلنا دورات كثيرة حتى في الإتيكيت (السلوك السليم)، وفي كيفية تناول الطعام وليس في لعب الكرة فقط. تعلمنا أشياء كثيرة حول حياة المحترف، لذلك أعتقد أن جيلنا أكثر الأجيال، التي استمرت في اللعب.
بماذا تنصح اللاعب العربي عمومًا والعراقي خصوصًا ليحترف ويكون ناجحًا في أوروبا؟
عندما جئت إلى أوروبا كان عمري 25، أو 26 عامًا. كنت أتمنى أن أجيء وعمري 19 أو 20 عامًا.
المشكلة كبيرة، فهناك اختلاف في الثقافات. أنا مثلا كنت ألعب في الخليج، والأمور مختلفة من حيث المناخ والأجواء والتدريب، وأشياء كثيرة.
في أوروبا يجب أن تكون لديك ثقافة التأقلم والاستمرارية، ونحن لا نملك هذه الثقافة، خاصة الشارع العراقي واللاعب العراقي.
نحن نرى لاعبين مثل ميسي، ورونالدو بمستوى ثابت على مدى الموسم، ويسجل كل واحد منهما 40، وحتى 50 هدفًا في الموسم، وهذا ليس موجودًا عندنا. والمسألة لا تتعلق بكرة القدم فقط، وإنما بالمجتمع (كافة).
لماذا لم تحاول البقاء في أوروبا بعد تجربتك مع تفينتي أنشخيده الهولندي؟
المشكلة فينا نحن، فأنا مثلاً جئت متأخرًا إلى هولندا. لكنني حاولت قدر الإمكان التأقلم مع الأجواء والفريق، وتأقلمت غير أنني أصبت في منتصف الموسم وعدت للعب وأصبت مرة أخرى فأحبطت نفسيًا.
لم أكن آنذاك بنفس مستوى النضج، الذي أنا عليه الآن. وفي ذلك الوقت كانت هناك فرص سانحة أكثر للعودة للعب في الخليج بالقرب من أصدقائي والمجتمع الذي أنتمني إليه، ولذلك قررت العودة.
لهذا فأنا أهنئ اللاعبين المصريين محمد صلاح، ومحمد النني، فهما الآن مثال يحتذى به من قبل الناس والشباب، في كيفية تأقلمهما ودخولهما المجتمعات سواء في الدوري الإنجليزي، أو الإيطالي.
الأوضاع الأمنية في العراق حاليًا تتحسن.. فما تأثير ذلك على الكرة العراقية؟
عفوًا.. الوضع كان "أسوأ" لكننا كنا نمارس كرة القدم، وإن شاء الله يصبح الوضع أفضل وأفضل.
ما نتمناه هو وجود حكومة قوية أكثر حتى تهيمن وتسيطر على كل مفاصل ومؤسسات الدولة لكي يعمل العراق كبلد، كمنظومة واحدة، ويكون الاتحاد العراقي تابعًا للدولة، وليس تابعًا لنفسه.
قد يعجبك أيضاً





