أستميحكم عذرا ، كل العذر .. فبين المتنبي ، (مالئ
أستميحكم عذرا ، كل العذر .. فبين المتنبي ، (مالئ الدنيا وشاغل الناس) في زمانه وفي كل زمان ، وبين مقصدي هنا أكثر من ألف عام من عمر الزمن .. أتحدث عن المحروس زيكو الذي صار شغلنا الشاغل ، وبات موضع كل سؤال ، وأضحى منطلقا لكل الحيرة التي تحيط بنا والتي تقلقنا على مصير منتخبنا الكروي .. لقد صار نجم البرازيل الأسبق ، متنبي زمانه ، لا في فحولته الشعرية ، ولا في خياله الخصب ، ولا في صوره المبهرة ، ولا في قوافيه الفذة ، ولكن في قدرته على استثارة خليط المشاعر والأسئلة ، حتى كدنا ننسى غيره من شؤون كروية!
عاش زيكو حياته لاعبا تحيط به الشهرة والغموض أيضا ، فهو في وصف اللاعبين النجوم من السحرة البرازيليين الذين زاملوه في العقدين السبعيني والثمانيني ، لاعب لا يفصح عن جوانب كثيرة من ذاته .. حياته مليئة بالأسرار .. وكان نادرا ما يشارك الزملاء مناسباتهم الاجتماعية التي تدخل في إطار من الإضاءة الإعلامية التي تنقل للناس كل ما يدور في الأمكنة الخاصة .. لم يكن أحد يلومه في رؤيته تلك ، فقد كان لاعبا في علياء شأنه ، وقد كان يرى في شيء من الخصوصية التي تبلغ حد الانزواء قدرا يستوجبه الحفاظ على لمعانه وعطائه .. هكذا كان يرى ، ولم يكن أحد يعترض!
لكن أن يتحول زيكو المدرب معنا، إلى لغز .. فذلك ما يثير كثيرا من القلق لدينا .. وهو قلق مشروع ومنطقي .. فهو الآن مدرب لمنتخب العراق في وضح النهار ، وقراراته يجب أن تكون واضحة ، وطريقته في الإدارة التدريبية ينبغي ألا تدخل في لفائف الطلاسم والأحجية ..
من حقنا أن نشعر بالقلق حيال ما يفعله زيكو .. فعلاقته باتحاد الكرة العراقي منقوصة الوضوح ، وهنالك تفصيلات نجهلها ولابد من معرفتها .. على الأقل لكي نبرر لأنفسنا وللناس ما يفعله زيكو ..
فمرة يقول إنه سيعود إلى العراق ليدرب انطلاقا منه .. وفي الثانية يعلن أن بغداد ستكون مكانا للعمل .. وفي الثالثة يرتعد هذا النجم خوفا من مظاهر الإجراءات الأمنية المطلوبة في العاصمة ليتنازل ويقبل إدارة المنتخب في اربيل .. وفي مرات أخرى يحدد مواعيد انطلاق الطائر الميمون الذي سيقلّه إلى العراق ، ثم نفاجأ في اللحظات الأخيرة بأن المسار تغير، وان الرجل مصر على المكوث إلى جانب شقيقه الكبير ايدو في العاصمة الأردنية ، وينتظر أية رحلة لمنتخبنا خارج الحدود كي ينطلق إلى المقصد المقرر شريطة ألا يكون هذا المقصد هو الأرض العراقية!
لا يصح أبدا أن نترك الحبل على الغارب ، وأن نمنح المدرب البرازيلي صكا مفتوحا للتصرف كيفما شاء أو أراد .. فالمنتخب أمام مرحلة حاسمة قبل الصعود بإذن الله إلى نهائيات المونديال .. ونحن في حاجة إلى ضبط إيقاع العمل وبأدق التفاصيل ، بما في ذلك مساءلة زيكو عما يفعله ، وعما ينتويه ، وإحاطته علما بما يمكن أن يتسبب فيه من ضرر لنا ، لو أنه استمر في مزاجيته وتحرره من كل العهود!