Reutersفي سبتمبر الماضي، عاد الأسطورة الأرجنتينية، دييجو مارادونا، إلى المكسيك، التي تحمل له ذكريات عظيمة في مسرته كلاعب.
وجاءت هذه العودة بعد شهرين من انتقاد منح المكسيك الاشتراك في شرف تنظيم مونديال 2026 لضعف منتخبها، إلا أن راتبا بقيمة 150 ألف دولار شهريا لقيادة دورادوس، المكسيكي بمدينة كولياكان، جعله يقبل بالمهمة.
على أي حال المكسيك هي نقطة "قبل" و"بعد" في مسيرة مارادونا، إذ أنها البلد الذي رفع فيه مارادونا على كتفه المنتخب الأرجنتيني ليصبح بطلًا للعالم، والذي كان شاهدا على تسجيل "الفتى الذهبي" واحدًا من أفضل الأهداف في مسيرته.
ومن ينسى يوم 22 يونيو 1986، حينها في ربع النهائي أمام المنتخب الإنجليزي راوغ خصمين في الجانب الأيمن وترك في طريقه اثنين غيرهما، وحينما حاول الحارس بيتر شيلتون تغطية المرمى راوغه وسجل بيسراه ما يراه البعض أفضل الأهداف في تاريخ كأس العالم.
ليس هذا فحسب، بل قبلها بعدة دقائق نفذ ربما أكثر لعبة مثيرة للجدل في تاريخ كرة القدم، حينما سجل هدفا بيده، ووصف البعض تصرفه بالماكر في حين يرى آخرون أنها أفضل خدعة من لاعب كرة القدم،
بعد أسبوع من فوز الأرجنتين على الإنجليز، تغلبت على ألمانيا في النهائي بثلاثة أهداف لاثنين، واكتسحت صورة واحدة العالم: مارادونا يقبل الكأس، أو كما يحبذ دوما أن يصفها: "أفضل قبلة حب في حياتي".
"لسنا في نزهة"
في سبتمبر/أيلول الماضي عاد مارادونا للمكسيك، زائد الوزن بعض الشيء، بعرج خفيف وبصوت منهك من المؤتمرات الصحفية.
خطت قدمه فوق مطار العاصمة، الواقع على بعد 20 كلم من ملعب "أزتيكا" حيث قهر الألمان، لكنه لم يخرج، إذ كانت وجهته هي مدينة كولياكان في سينالوا.
تعشق هذه المدينة رياضة البيسبول، لدرجة أن ملعب "لوس توماتيروس" يبدو كضريح مقارنة بملعب (بانورتي)، معقل فريق دورادوس المتواضع والواقع على بعد أمتار قليلة من نهر ملوث وناء عن وسط المدينة، حيث تضفي موسيقى الفرق الصغيرة طابعا سعيدا على شوارعها الضيقة.
وقال مارادونا لدى تقديمه أمام عشرات الصحفيين الذين تعهد لهم بالنوم مبكرا لتوفير كل عافيته للاعبين "أتحمل هذه المسؤولية كمن يُمسك بطفل بين ذراعيه. لسنا في نزهة. جئنا هنا من أجل العمل".
بعدها بساعة قاد مارادونا أول مران له مع الفريق، وسط أجواء سيريالية وفي ملعب يكتظ بالجماهير، قبل أن ينحني دييجو- الذي لم يرتد حذاءه- تحية للمشجعين في نهاية الحصة التدريبية.
في مباراة الفريق الأولى تحت قيادة مارادونا، فاز دورادوس على كافيتاليروس بأربعة أهداف لواحد، سجل اللاعب فينيسيو أنجولو ثلاثة أهداف منها، لكنه بعد ذلك خسر بهدف نظيف من أليبريخيس، قبل أن يُقصى الفريق من كيريتارو في ثمن نهائي كأس المكسيك.
لكن مارادونا عاد لطريق الانتصارات مجددا بالفوز على لوس ليونيس نيجروس بهدفين قاتلين، ثم تغلب خارج الديار على زاكاتيبيك بهدف نظيف في أول انتصار يحققه دورادوس كفريق زائر.
بعدها تغلب دورادوس خارج أرضه مجددا وهذه المرة على ماينيروس دي زاكاتيكاس 2-3 ، وقبل جولتين على نهاية الدوري فاز الفريق على ضيفه تامبيكو مادريو 2-1.
كان سكان سينالوا قد فقدوا كل أمل في رؤية فريق دورادوس في الدوري المصغر للثمانية المرشحين للقب، لكنهم الآن يرون فريقهم في المركز السابع قبل جولتين على نهاية مرحلة ذهاب الدوري (أبرتورا) وبدء الدوري المصغر.
"أنا لا أبيع الهواء، بل أبيع العمل"، هكذا قال مارادونا الذي لم يتوقف ولو لدقيقة واحدة عن الثناء على مساعديه الذين يترأسهم الحارس المعتزل ليس ايسلاس.
وبعد تلك الفترة كمدرب في دوري الدرجة الثانية، بات الحديث عن دورادوس أكثر من متصدر دوري الدرجة الأولى، إذ تظهر بصورة شبه يومية أنباء عن حياة "مارادونا".
وتقول الصحافة إنه حينما يلعب مارادونا خارج أرضه، يكون هنا طابقا بالكامل في الفندق مخصصا له ولأصدقائه، أما في كولياكان، فيعيش في أفضل فندق مع طاقم حراسة أمني وسيارة مدرعة رهن إشارته، بل إنه حينما استدعت الحاجة، استخدم الطائرة الخاصة بمالك النادي.
وتتحدث وسائل الإعلام عن ضعفه أمام طبق الـ"ريزوتو" وأن مائدته لا تخلو منه، ولا يخلو الأمر من أولئك الذي يفسرون ارتدائه الدائم لنفس القبعة أو قبعات متطابقة منها، نظرا لاقتناعه بأنها تجلب الحظ الجيد.
في المكسيك يعيش مارادونا فصلا جديدا من علاقته الغرامية ومناوشاته مع البلد الذي طبع فيه أفضل قبلة حب، وعاد إليه بتواضع لينبش أرضه في دوري متواضع أيضا، إلا أنه يحتفل بالأهداف وكأنه في نابولي.
قد يعجبك أيضاً



