إعلان
إعلان

ماذا لو نجحت تجربة فوكيما؟

ريان الجدعاني
06 أغسطس 202019:10
riyan
ربما قد يصبح يوم الثلاثاء الماضي، 4 أغسطس 2020، يوم تاريخي في ساحة كرة القدم عالمياً، والذي قد يخلق نظام "كرة القدم المختلطة بين الجنسين"، حيث شهد هذا اليوم إعلان الاتحاد الهولندي لكرة القدم موافقته على مشاركة المهاجمة الهولندية الشابة (إلين فوكيما) في منافسات الموسم المقبل من الدوري المحلي للدرجة الرابعة للرجال، مع فريق فواروت.

حتى يفهم القارئ العربي طبيعة هذا القرار الذي قد يكون غريباً عليه، بعكس الهولنديين الذين اعتادوا على مشاركة الفتيات في مباريات الرجال، فقد أعترف الاتحاد الهولندي بكرة القدم النسائية في 1971، قبل أن يشرع قانون "كرة القدم المختلطة" في 1986، والتي تسير أحكامها على الفرق المدرسية والناشئين والشباب والرديف.

حيث يسمح ذلك القانون للفتيات باللعب مع الذكور بالفئات السنية حتى وصولهن لسن 19 عاماً، لتكون أمام الفتيات خيار اللعب في فريق الرديف للرجال أو الانتقال للكرة النسائية.

ولكن الجديد الآن هو موافقة الاتحاد "الاستثنائية" على مشاركة الشابة فوكيما مع الفريق الأول بنادي فواروت بالموسم الجديد، الذي سينطلق في أواخر شهر أغسطس الحالي، وهي التجربة التي ستكون تحت مراقبة وملاحظة الاتحاد الذي قد يصدر في نهايتها قراراً تاريخياً يسمح للاعبات بالمشاركة مع الفرق الرجالية في مختلف الدرجات، أي أنه سيفتح باباً واسعاً لظهور نظام "كرة القدم المختلطة" والذي بالتأكيد سيغير معالم رياضة كرة القدم في العالم.

منذ إعلان الاتحاد الهولندي عن "تجربة فوكيما" لاحظنا صمت الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وتحديداً الحساب الرسمي في تويتر للجنة النسائية بالفيفا، والذي في العادة لا يغيب عن رصد الأخبار والأحداث الجديدة في ساحة كرة القدم النسائية بالعالم، وربما هذا الصمت يدل على عدم تقبل لجنة الفيفا النسائية بفكرة "كرة القدم المختلطة" التي قد تؤثر سلباً على مسيرة كرة القدم النسائية وأنديتها.

من الممكن أن تكون مخاوف اللجنة النسائية بالفيفا منطقياً، لأن في حال نجاح تجربة فوكيما، والتغيير في القانون الهولندي للكرة المختلطة، سنجد الأندية الرجالية العملاقة في هولندا، ثم تتبعها الأندية الأوروبية الكبرى، تتسابق على احتكار بعض اللاعبات الموهوبات والمتميزات اللاتي يمتلكن القدرة على مجاراة المباريات الرجالية، وهذا الأمر سيسبب في إفراغ الأندية النسائية من لاعباتها المتميزات، وبذلك ستعود منظومة كرة القدم النسائية لنقطة الصفر فيما يتعلق بالمستوى الفني المنخفض واختفاء الموهوبات.

صحيح أن العديد من المدربات الهولنديات شعرن بالفرح من "تجربة فوكيما" واعتبرن هذه التجربة كخطوة متقدمة في تمكين المرأة بساحة كرة القدم الرجالية، ولكن لا يجب إغفال القوة المالية عند الأندية الرجالية والتي قد تساهم في تحويل الدوريات النسائية إلى مجرد مخزن يخدم الأندية الرجالية من ناحية توفير اللاعبات الموهوبات، حيث لا تزال الفجوة المالية واسعة جداً بين الأندية الرجالية والنسائية.

أنا هنا لا أحارب تجربة فوكيما والتي تستحق المتابعة والرصد وتحليل أبعادها، ولكن أنا مع المحافظة على مكتسبات كرة القدم النسائية والتي لا تزال في حاجة إلى رعاية الموهوبات وبناء الاستثمار وتطوير الاحتراف، وفتح باب "كرة القدم المختلطة" في الوقت الحالي قد يبعثر كل الأوراق، لأن منظومة كرة القدم النسائية حالياً غير مستعدة، فالكرة النسائية الآن في حاجة إلى جميع لاعباتها الموهوبات من أجل توحيد الجهود لتنمية المنظومة في مختلف دول العالم.

ختاماً،، أتمنى للشابة فوكيما التوفيق والنجاح في هذه التجربة والتي لن تكون سهلة بسبب الضغط الإعلامي والذي سيكون مراقباً لكل خطوة تخطوها في ساحة الرجال، وأيضاً من جماهير كرة القدم الذين سيراقبون خطواتها، لأنها قد تفتح باب "كرة القدم المختلطة" وتغير وجه العالم بأسره.
إعلان
إعلان
إعلان
إعلان