
أسبوع فقط بعد تعيينه مدربًا للمنتخب الوطني خلفًا للصربي راييفاتس، الذي أُقيل من تدريب المنتخب الجزائري بطريقة غير حضارية، جعلت كبار المدربين ينفرون من الإشراف على العارضة الفنية لـ"الخضر".
أطل علينا الناخب الجديد جورج ليكنس في أول خرجة إعلامية له، وكأنه جزائري حتى النخاع، حتى إنه اعترف بأن لديه دَينًا تجاه هذا البلد، الذي "هرب" منه صيف 2003، بسبب رفض زوجته المجيء والإقامة في الجزائر التي لم تكن يومها- حسبه- توفر له الأمان والراحة، وتركنا في منتصف الطريق نبحث عن خليفة له، وعاد إلى بلاده دون أن يلتزم الصمت بل سبنا وشتمنا، وقال إن بلدنا "لا يملك شيئًا"، خاصة من الناحية التنظيمية، وأمور أخرى نخجل من أن نتحدث عنها اليوم.
لأننا أصبحنا في مقدمة المنتخبات العالمية من حيث النتائج والإمكانيات، وهكذا تدور عجلة التاريخ ويعود المدرب "العجوز" بمكالمة هاتفية واحدة من المسؤول الكروي، الذي عجز عن إيجاد مدرب كبير مثلما صرّح به في مناسبات عديدة لوسائل الإعلام، ويجلب هذا البلجيكي الذي جاء لإنقاذ نفسه من الإقالة من ناديه الصغير بعد سلسلة النتائج السلبية التي حصدها في إحدى أضعف البطولات الأوروبية، والحصول ربما على أعلى أجرة شهرية في مشواره الطويل.
أُدرك أن ما جاء في الخرجة الإعلامية الأولى لليكنس، ما هو إلا درس حفظه هذا المدرب عن ظهر قلب لمواجهة وسائل الإعلام، التي وصفته مباشرة بعد الإعلان عن خبر التعاقد معه بالمدرب "الهرِم"، الذي لا يستطيع قيادتنا إلى بر الأمان، وهو الذي أظهر محدوديته في التدريب مثلما وصفه أغلب الاختصاصيين التونسيين الذين أشرف عليهم في الموعد القاري السابق.
قبول ليكنس تدريب المنتخب الجزائري في ثوانٍ فقط بعد الاتصال به، يحمل الكثير من الدلالات، وكأنه وجد جرعة أكسجين كان يبحث عنها لرد الاعتبار لنفسه، والعودة بسرعة فائقة إلى سوق المدربين الذي رمى به إلى الأسفل، فوجد المنتخب الجزائري فرصة سانحة له ليعود إلى القمة، رغم أنه يعرف في قرارة نفسه ومنذ سنوات أن الجمهور الجزائري لن يغفر له إذا أخطأ، خاصة أنه اليوم يمتلك كل الإمكانيات للتنافس على اللقب الأفريقي والتأهل لكأس العالم بروسيا التي تبقى الهدف الأول لكل الجزائريين.
لقد حاول مدربنا الجديد استعطاف الجزائريين في أول ظهور إعلامي له بعد تعيينه مدربًا للجزائر، فعندما يقول إن زوجتي سعيدة بالعودة إلى الجزائر ولم آتِ من أجل السياحة، وبأنه يعرف جيدًا ما ينتظره في المستقبل، وسيعمل على تكوين منتخب قوي لكأس أفريقيا القادمة بالغابون، ودعوته الجميع إلى الاتحاد في الخرجة القادمة أمام نيجيريا، وعدة أمور وجزئيات أخرى تجعلني أقرُّ بأن ناخبنا الوطني استطاع في أيام قليلة أن يحضر لنا وصفة، نحن بصدد البحث عنها ولم نجدها عند سابقيه، وراح بطريقته، يحاول إيهامنا بأنه سيعمل كل ما في وسعه من أجل أن يحقق نتائج إيجابية في الاستحقاقات القادمة التي تنتظرنا.
رغم أن ذلك يدخل في إطار عمله، ومهمته الأولى والأخيرة هي أن يجد لهذا المنتخب طريقة لعب خاصة به، مثلما وجدها وحيد خاليلوزيتش، وعليه أن يظهر لنا أننا أخطأنا في حقه ويومها سنرفع له القبعة.
لا أدري إن كنت غير مقتنع بليكنس كمدرب لـ"الخضر"، لأن الجزائر تستحق مدربًا أحسن منه وبكثير، لكني أجزم بأن البلجيكي لا يحب في الجزائر إلا الأجرة الشهرية التي يتقاضها، التي تقدر بـ 40 ألف يورو أي ما يعادل أزيد من 700 مليون سنتيم.
نقلًا عن جريدة الشروق الجزائرية.
قد يعجبك أيضاً



