إعلان
إعلان

ليس بايرن ميونيخ

محمد شرف الدين
07 أكتوبر 201710:45
2017-10-07_144450

"هذا ليس بايرن ميونيخ".. هكذا لخص القائد التاريخي للفريق البافاري، شتيفان إيفنبرج، حال بطل البوندسليجا، الذي شبت في أروقته مؤخرًا نيران الأزمات الفنية والإدارية، حيث لا تُعد إقالة مدربه، كارلو أنشيلوتي، وتعيين خلفه يوب هاينكس، أكثر من حلقة في سلسلة من الاضطرابات، لا يُتوقع أن تكون قصيرة.

جاءت التضحية بأنشيلوتي على مذبح الجماهير الغاضبة، لذر الرماد في عيون المراقبين لأوضاع بايرن ميونيخ، وإرضاء نجوم الفريق الرافضين للمدرب الإيطالي، في آن واحد، لكنها رغم ذلك ألقت بالمزيد من الضوء على المعاناة الإدارية التي يعيشها العملاق البافاري، تحت القيادة المزدوجة لأولي هونيس وكارل هاينز رومينيجه.

يحاول رأسا البايرن التملص من المسؤولية، وإلصاق كافة الاتهامات بالمدرب الإيطالي، وتحميله وزر السقوط المدوي كاملًا، بينما لا يغيب عن المدقق في أوضاع النادي، الدور السلبي البارز الذي يلعباه في بايرن ميونيخ.

لم تكن البداية بالميركاتو الهزيل لرابع أغنى الأندية في العالم، ولا بالإصرار على عدم سد نواقص الفريق، التي ظهرت جلية في المواسم الأخيرة، بل بلحظة اختيار أنشيلوتي مدربًا لبايرن، حيث كشفت عن ارتباك كبير في إستراتيجية النادي، الذي يفضل مسؤولوه اكتناز الأموال في الخزائن، عن إنفاقها على ضم النجوم.

إذًا نحن أمام نادٍ يرغب في الاعتماد على المواهب الشابة وتطويرها، حيث لا يوجد حل آخر، لكن المفارقة حقًا أن تكون هذه إستراتيجيتك، وفي ذات الوقت تتجه للتعاقد مع مدرب يُعرف عنه عدم اهتمامه بالشباب، وتفضيله العمل مع النجوم.. أي ازدواجية وارتباك؟

يُعرف عن أنشيلوتي أيضًا أنه يؤثر السلامة، ولا يفضل الضغط على إدارات الأندية، من أجل زيادة الإنفاق، وعقد صفقات باهظة الثمن، وهو ما يبدو أنه كان يعجب هونيس ورومينيجه كثيرًا، حيث يعتبر رأسا البايرن حاجز الـ40 مليون يورو خطًا أحمر، لم يتجاوزاه على استحياء إلا لضم توليسو مقابل 41.5 مليون يورو، كأغلى صفقة في تاريخ أحد أعظم أندية أوروبا!

لم تضم إدارة البايرن مهاجمًا يؤنس وحدة ليفاندوفسكي، أو ظهير أيمن قوي يدعم كيميتش، أو جناحين لإراحة روبن وريبيري، اللذين أكل عليهما الدهر وشرب، وطالت فترات غيابهما بفعل الإصابات في المواسم الأخيرة، ما كان سببًا رئيسيًا في هزيمة بايرن أمام برشلونة، في نصف نهائي دوري الأبطال 2014-2015، وقد أُصيب الجناح الفرنسي بالفعل مؤخرًا، وسيبتعد طويلًا عن الفريق، في ظل غياب بديل قوي.

كما لعب عدم وجود بديل للمهاجم البولندي دورًا واضحًا في السقوط أمام ريال مدريد، خلال ذهاب ربع نهائي النسخة الماضية من البطولة، لكن رغم ذلك، فإن إدارة النادي أبت أن ترهق خزائنها في سد الثغرات، وآثرت تقديم كبش فداء برتبة مدرب.

بالتأكيد لم يكون أنشيلوتي الخيار الأمثل لبايرن ميونيخ، خاصةً في ظل الإستراتيجية التقشفية للنادي، الذي يهوى البقاء على أطراف الميركاتو، لكن هذا لا يعني أبدًا أن المدرب الإيطالي كان العتمة، التي بزوالها ستشرق شمس البايرن من جديد، فما اتضح في الآونة الأخيرة، أن أزمات النادي أعمق من كونها فنية، في ظل قيادة مزدوجة ذات رأسين.

بدا التخبط واضحًا بين رأسي النادي إبان أزمة ليفاندوفسكي، الذي انتقد عدم سعي البايرن خلف النجوم الكبار، حيث شن عليه رومينيجه هجومًا، بينما استخدم هونيس مصطلحات أكثر لطفًا، وهو الذي تحدث من قبل عن تأفف ريبيري المستمر من استبداله، ثم أعلن أنه أقال أنشيلوتي لمعاداته للنجوم، فمتى صار لاعبو بايرن أقوى من مديره الفني؟ وأي رسالة بعث بها هونيس للمدربين القادمين؟ لا تستبعدوا النجوم حتى لا تُطردوا من مناصبكم؟

تبدو إدارة البايرن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى الاطلاع على تاريخ اليوم، حيث وصلنا إلى عام 2017، وباتت أسعار بعض اللاعبين تحمل رقمًا من صفرين، بينما لا يزال هونيس ورومينيجه يعيشان في العقد الماضي، ويعتبران الـ50 مليون يورو رقمًا وهميًا، لا يستحقه سوى الأساطير.

كما يحتاج بايرن إلى تعزيز دور أكاديميته، في ظل تفوق واضح لكاستيا ريال مدريد خلال السنوات الأخيرة، ومن قبلها لاماسيا الكتالونية.. حينها فقط يمكننا الحديث عن جدوى قدوم هاينكس، أو أي مدرب آخر.

يرى البعض هاينكس في صورة المخلص للنادي البافاري، يحسبونه عاد حاملًا إكسير الحياة للجماهير المتعطشة إلى التتويج الأوروبي، لكن الأمر لا يبدو بهذه السهولة.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان