
يواجهني هذا السؤال كثيرا وأنا شخص عربي يشجع من خارج حدود مصر الغالية، فلا أجيد الإجابة، لأن الطرح سهل، ولكن التعبير عن المشاعر قد يكون أكثر صعوبة، فالعشق برأيي ينقسم إلى ثلاثة أنواع: الأول تبحث عنه، والثاني يبحث عنك، والثالث لا تعرف كيف أصابك، يتسلل إلى شرايينك ويدخل قلبك دونما استئذان، وأعتقد أن هذا الوصف ينطبق على حالتي مع الأهلي المصري.
بالأمس، كان كل أهلاوي في العالم يشعر بفخر جديد، وبطل أفريقيا يتوج بالميدالية البرونزية في مونديال الأندية، بعد أن حقق فوزا نادرا لبطل أفريقي وعربي على بطل أميركا الجنوبية، وممثل البرازيل، التي تعد مصنعا لنجوم الكرة الحديثة، فالفوز لم يكن سهلا أبدا والمهمة كانت شاقة وإن بدت للبعض سهلة في المتناول.
قد يظن البعض أن مونديال الأندية مجرد 3 أو 4 مباريات ترفيهية في حدها الأعلى، تنتهي برفع كأس هامشي، ولكن الأمر على العكس تماما، فالوصول إلى هذه البطولة بحد ذاته إنجاز كبير، فلكل فريق صولات وجولات في قارته، خاض فيها معارك طاحنة مع المنافسين، وخطف شهادة المشاركة بالعرق والجهد والتضحية على مدى موسم كامل، انطلاقا من البطولة المحلية، نحو القارية، ومن ثم التأهل للعب مع أبطال القارات.
إذا نظرنا إلى نتائج المباريات، نجد أنها متقاربة للغاية، وأكثر فوز تحقق في الأدوار التنافسية لم يتجاوز الهدفين، وهو دليل على تقارب المستويات أيضا، حتى مع بطل أوروبا ومرعب أندية العالم بايرن ميونخ، الذي وصل قطر، وهو يحمل صك اللقب كمرشح لا يشق له غبار.
نعم، لم نكن راضين كثيرا عن المستوى الفني للأهلي، فالفريق كان يمتلك الكثير من السحر الذي نثر القليل منه على أرض الملعب، لكننا مقتنعون بأن هذا أفضل ما يمكن تحقيقه في مثل هذه البطولة، ويفتح لنا أملا جديدا بأن المستقبل سيكون أفضل بإذن الله.
الأهلي لعب شوطا نموذجيا أمام الدحيل بطل قطر في بداية المشوار، وتحول لأداء أكثر حذرا في الشوط الثاني، لأن التركيز كبير على التأهل أكثر من المستوى الفني، فكان له ما أراد، ودخل مباراته مع بطل أوروبا وصاحب الثمانية الشهيرة في برشلونة، وبتركيز شديد على عدم الخسارة بفارق كبير من الأهداف، وبشكل أكبر من إمكانية تحقيق في المباراة، وهو ما طغى على المستوى الذي اعتبره البعض مخيبا للآمال، لكن بكل صراحة نقولها، أنه لولا هذه الطريقة، لتغير شكل البايرن تماما.
الوجه الحقيقي للأهلي، رأيناه أمام بالميراس بطل أميركا الجنوبية، بنجومه المحليين ومحترفيه، وكلهم نجوم، وقف أمامه كند قوي، وبادله الهجمة تلو الآخرى، فظهر أكثر شراسة على عكس ما شاهدناه أمام بطل أوروبا، وبقي على ذات الأداء الثابت والمتوازن حتى صافرة النهاية، التي تلاها تحقيق الأمل بإنجاز جديد على يد قائد الفريق الحارس الشناوي الذي يدين له الأهلي بالكثير في ألقابه الأخيرة، ومعه كل النجوم التي قدمت ما عليها، وساهمت في هذا الظهور العالمي.
نعشق الأهلي، لأنه لا يكتفي من الإنجازات، ويشعرك بدور البطولة في كل مباراة يخوضها، تبقى تنتظر لحظة الفوز على المنافس مهما تأخر الوقت، فروح الفانلة الحمراء، تقاتل حتى الرمق الأخير، والخواتيم غالبا ما تنتهي بفرحة كبيرة.
الأهلي جمع في موسم واحد ألقاب الدوري والكأس ودوري أبطال أفريقيا والأمر لم يأت من فراغ، بل من إدارة واعية، وجهاز فني قدير، ونجوم يحملون المسؤولية ويعرفون تماما ما يمثله القميص الأحمر الذي يرتدونه، وهذا الجمهور الي أذهل العالم بوقوفه خلف الفريق في أي مكان وزمان، يزيّن الاستقبال بالأحمر وبالهتاف الذي لا ينتهي، ويأخذ مكانه على المدرجات باكرا، أو خلف شاشات التلفزيون، ويهتف عاليا للفريق، الذي يوازي في عراقته أعتى أندية العالم وبشكل خاص القارة الأوروبية.
موسيماني قال للنجوم بعد التتويج بالبرونزية..سنعود في لعام المقبل، وسنرفع الكأس..كاشفا عن حلم قد يكون حقيقة بمشيئة الله تعالى، والتخطيط له باعتقادي بدأ منذ لحظة التتويج، فعند الأهلي لا وقت يضيع، بين إنجازين.


