أصبح حال فرق كرة القدم الأردنية غريباً للغاية، فهي وإن دخلت عامها الخامس على تطبيق نظام الإحتراف، إلا أن مسلسل الإطاحة بالمدربين يتواصل دون توقف وبدا وكأنه مسلسل "مكسيكي" لا نعرف متى ستحين نهايته؟!!.
الموسم الكروي الحالي والذي لم ينقض منتصفه بعد، شهد ظاهرة "خطيرة" و "مريرة" ، حيث قامت ثمانية فرق من أصل "12" فريقا محترفا بتغيير مدربيها لأسباب مختلفة وبذرائع متعددة ولظروف متنوعة، وهي مؤشرات تدلل على خطورة الواقع الذي أضحت تعيشه كرة القدم الأردنية في ظل إدارات أصبحت "مدمنة" أكثر من أي وقت مضى على اتخاذ القرار الأسهل بنظرها وهو "الإطاحة بالمدربين"!.
تلك القرارات التي كان بعضها قائم على منطق وظروف خارجة عن نطاق الإرادة والآخر على "مزاجية" الإدارات، جاءت على حساب خزينة الأندية بالدرجة الأهم، حيث الإلتزام بدفع الشرط الجزائي لكل مدرب رحل، وهو ما زاد "الطين بلة" لأن صناديق الأندية هي بالأصل خاوية وترتعش بردا من شدة "الطفر"!!
نعي جيدا حرص الأندية على اختيار المدرب الأكثر كفاءة لتدريب الفريق وقيادته حيث الطموحات، لكن اختيار المدرب لا يأتي في "ليلة وضحاها" ، ولا يكون تعيينه عبر اتصال عابر على "الموبايل"، بل لا بد أن يخضع الأمر لدراسة مستفيضة ومتعمقة من خلال ضرورة قيام الأندية بتشكيل لجان مختصة تنحصر مهمتها بهذا الجانب المهم، لأن اختيار المدرب بالصورة السليمة يسهم في قطع نصف مساحة الطموح.. ومساحة النجاح، والعكس سيقود للآهات والجراح.
تلك التغييرات المتسارعة التي حدثت على صعيد المدربين بالنظر إلى قصر المدة بين التعاقد مع المدرب والإطاحة به ، تعني أن ثلاثة أرباع فرق المحترفين لم تنعم بالإستقرار الفني.
المسؤولية في المقام الأول تتحملها إدارات الأندية على اعتبار أنها هي صاحبة الإختيار والقرار وعليها أن تتحمل تبعيات ذلك، وأن لا تبقى تعلق أخطائها على المدربين فقط ، بل يجب أن تتحمل مسؤولية اختياراتها وحبذا لو تعترف بذلك وتبحث عن العلاج المناسب وبما يضمن رأب هذا الصداع في قادم الأيام.
قالوا بأن للفوز ألف أب ، وللخسارة أب واحد هو المدرب، ويكاد ينطبق ذلك جملة وتفصيلا على الواقع المرير والمحير الذي تعيشه فرق كرة القدم الأردنية، فما أن يتعرض الفريق لخسارة حتى تنهال المطالبات بالإطاحة بالمدرب!.
كووورة يفتح ملف المدربين في ملاعب كرة القدم الأردنية، وجد نفسه أمام احصائية تبعث على الذهول تارة وعلى الحسرة تارة أخرى، ولكم أن تتخيلوا الرقم حينما نؤكد بأن ثمانية أندية من أصل (12) ناديا قامت بتغيير مدربيها لأسباب مختلفة وهو رقم يدعو حقيقة لدق ناقوس الخطر، وإليكم التفاصيل:
من خلال القراءة المستفيضة لهذه الظاهرة فإننا نستطيع الخروج بعديد من الملاحظات يتقدمها بأن المدرب المحلي أثبت وبما لا يدعو مجالا للشك بأنه الأكثر قدرة على قيادة الفرق الأردنية على اعتبار أنه "الأدرى بشعاب مكة" والأكثر دراية بواقع كرة القدم الأردنية ، بعكس مدرب أجنبي يسقط من "البراشوت" على ملاعب كرة القدم الأردنية مما يتطلب منه استهلاك وقت طويل لمعرفة قدرات فريقه ولاعبيه ونقاط القوة والضعف لدى الفرق الأخرى وما أن يصل للمعرفة المطلوبة يكون فريقه قد خسر كافة اللقاءات التي سبق توصله لذلك.
أربعة فرق فقط هي من احتفظت بمدربيها مع بدء الموسم الكروي، وهي فرق الفيصلي حيث تسلم راتب العوضات مهمة المدير الفني مع نهايات الموسم المنصرم ولا يزال على رأس عمله، والمدير الفني لفريق العربي السوري ماهر بحري، والمدير الفني لفريق شباب الأردن الروماني فلورين متروك ، والمدير الفني لفريق شباب الحسين السوري عبد الرحمن ادريس ، أما البقية فحدث ولا حرج!.
الفرق التي أطاحت بمدربيها بلغ عددها ثمانية، وهي الوحدات الذي كان يدربه الصربي برانكو قبل أن تقوم الإدارة بفسخ عقده وتعيين بدلا منه المصري محمد عمر ، وذات راس حيث تمت إقالة المصري طه عبد الجليل وتعيين السوري عماد خانكان بديلا له، والجزيرة الذي توصل لإتفاق مع المصري محمد عمر لفسخ التعاقد بالتراضي وقامت بتعيين المدرب الوطني عيسى الترك بديلا له.
وقررت ادارة نادي الصريح تعيين محمد العبابنة خلفا لمالك شطناوي ، وأعاد نادي البقعة ابن النادي خضر بدوان بعد أن تذوق الفريق "العذاب" بعهد المدير الفني السوري تمام الحوراني ليعود البقعة بعهد بدوان للمسار الصحيح، واليرموك الذي قام بالموافقة على استقالة خلدون عبد الكريم وتعيين الأردني محمد اليماني، بينما قام الرمثا بتعيين بلال اللحام وعبد المجيد سمارة كمدربين خلفا للعراقي عادل يوسف الذي قرر الهجرة لأمريكا، وأخيرا منشية بني حسن حيث قام هيثم الشبول بتقديم استقالته لتلقيه عرضا تدربيا من الشرطة العراقي حيث تم اعادة فارس شديفات ليتسلم المهمة.
ذلك كله حصل والموسم الكروي لم ينقض نصفه، والسؤال الذي يقفز للأذهان الآن، هل سيصمد المدربون الأربعة في الإحتفاظ بمناصبهم، أم أن رحيلهم سيكون عبارة عن مسألة وقت ليس إلا ومقرون بنتيجة مباراة قادمة؟؟.. دعونا ننتظر.

