
كان الكوري آن جونج هوان، كأي لاعب كرة قدم، يحلم باللعب في الدوريات الخمس الكُبرى، خاصة في إيطاليا "جنة كرة القدم"، وارتداء قميص منتخب بلاده، والمشاركة معه في البطولة الأهم على الإطلاق، كأس العالم، ودائمًا ما كان يُحدث نفسه، والمقربين منه، عن آماله في عالم الساحرة المستديرة.
أحلامه بدأت ترى النور شيئًا فشيئًا.. البداية كانت باللعب مع منتخب كوريا الجنوبية عام 1997، وتألق معه، وذاع صيته في فريقه، بوسان دايوو رويالز الكوري، وأصبح لاعبًا يُشار إليه بالبنان.
ومع فوز هوان، بلقب أفضل لاعب كوري عام 1999، لفت الأنظار إليه، وها هو بعدها يحقق حلمًا آخر باللعب في الدوري الإيطالي، مع نادي بيروجيا.
يبقى له فقط، تحقيق حلمه باللعب في المونديال، وهو ما كان في البطولة التي استضافتها بلاده 2002، مناصفة مع اليابان، لكنه وقتها لم يتخيل، ولو لحظة، أن مشاركته هذه ستقضي على حلم آخر.
كان كل شيء بالنسبة لهوان ورفاقه في المنتخب الكوري خلال البطولة، على ما يُرام، بعد أن تمكنوا من عبور الدور الأول، لكن المهمة باتت أصعب بالنسبة لهم، في ثمن النهائي، عند مواجهتهم للمنتخب الإيطالي العملاق.
الأمر كان يبدو سهلًا على الآتزورى، وصارت أحداث المباراة على عكس هوى هوان ورفاقه، فالطليان أحرزوا هدف التقدم بأقدام كريستيان فييرى، والوقت يمرُّ والمباراة تتعقَّد على كوريا. جماهيرهم في المدرجات تتعالى صيحاتهم، تنادي على هوان، تطالب اللاعبين بالتعادل، ومن ثم الفوز للتأهل للدور التالي.
تحمَّس لاعبو كوريا، ومع الدقيقة 88، سجَّل سيول كى هيون، هدفًا قاتلًا في شباك العملاق بوفون، ومع الهدف تحولت المباراة إلى ملحمة حقيقية، تتسارع وتيرتها. المنتخبان يريدان الفوز حليفًا، في مباراة لا تقبل القسمة على اثنين، فامتدت لأشواط إضافية.
ومع امتدادها يستجمع هوان كل تركيزه، يتحرك في كل مكان، يُحاول مباغتة الدفاع لاحراز هدف ثانِ يريحهم وينهي المباراة لصالحهم، يطلب تمرير الكرة إليه، لعله يفعلها.
وتزداد الحماسة والإثارة في الشوط الأول الإضافي، مع طرد النجم الإيطالي فرانشيسكو توتي، بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية، لترجح كفة رفاق هوان، أصحاب الأرض والجمهور، والأكثر عددًا في ميدان المعركة.
ومع محاولات هوان المتتالية، تحقق له ما أراد، ففي الدقيقة (117)، أحرز هدفًا ذهبيًا أسطوريًا، برأسية رائعة، ودَّعت إيطاليا على إثره البطولة.
سعادة هوان وقتها لم يكن لها مثيل، فتألقه مع منتخب بلاده، قاده لأول مرة بالتاريخ لربع النهائي في المونديال، ومن فرط فرحته، خرج بتصريحات يقول فيها "إنَّ كرة القدم الكورية أفضل من الإيطالية".
انتهت البطولة بتحقيق هوان ورفاقه، المركز الرابع لأول مرة في كأس العالم، وبعد البطولة عاد بفرحته وإنجازه مع المنتخب الكوري، إلى إيطاليا، حيث فريقه بيروجيا، وسط توقعات باحتفائهم به، لكن ما لاقاه لم يكن كذلك تمامًا، كان العقاب في انتظاره.
ويبدو أنَّ ليوناردو جاووتشي، رئيس النادى الإيطالي، لم ينس له تصريحاته خلال المونديال، وأنه قاتل أحلام بلاده بالبطولة، فكان قراره بفسخ التعاقد معه مصرحًا "ليس لدي أي نية لدفع راتب لشخص هدم كرة القدم الإيطالية"!.
لم يستوعب هوان ما حدث، كيف تتحول اللحظة الأفضل في مسيرته مع منتخب بلاده، إلى نقطة سوداء يُعاقب بسببها، كيف يُطرد من اللعب في إيطاليا لتألقه مع كوريا الجنوبية.
قرَّر هوان العودة للعب في آسيا مجددًا، بعد المعاملة السيئة التي تعرض لها بأوروبا، رغم أن جاووتشي تراجع عن قراره، وأبدى استعداده لتجديد عقده، لكن جاء رد قاتل أحلام إيطاليا بتصريحه "لن أناقش مسألة عقدي مع بيروجيا الذين هاجموني بعد أن سجلت هدفًا فى كأس العالم بدلاً من تهنئتي به".
قد يعجبك أيضاً



