
قبل 68 عامًا، استضافت البرازيل نهائيات كأس العالم 1950، وكان منتخبها الوطني المرشّح المفضل للفوز باللقب، لكن المباراة النهائية أنتجت أكبر مفاجأة في تاريخ البطولة حتى الآن.
في 16 يوليو/تموز العام 1950، تابع جناح أوروجواي، ألسيدس جيجيا، سيره أمام حوالي 200 ألف مشجع برازيلي في ستاد ماراكانا في ريو دي جانيرو، ويقول: "كانت الأجواء رائعة.. كان أنصارهم يقفزون فرحًا كما لو أنهم فازوا بكأس العالم بالفعل".
كانت البرازيل واثقة للغاية من الفوز بالبطولة، وتواجدت فرق موسيقى ورقصات السامبا على جوانب الملعب في الاستعداد لأداء أغنية جديدة اسمها "البرازيليون الفائزون"، وكانت الصحف المحلية قد جهّزت بالفعل طبعات خاصة تعلن فيها المضيفين "أبطال العالم".
ويتذكر جيجيا قائلا: "كان الجميع يقولون إنهم سيسحقونا بثلاثة أو أربعة أهداف، لم أحاول النظر إلى الجمهور بل أردت المضي قدمًا في المباراة".
بالنسبة للبرازيل، كان الفوز بكأس العالم 1950 يمثل أولوية وطنية، وكانت الحكومة تأمل أن توحّد كرة القدم البلاد كقوة دولية ناشئة، وباعتبار البطولة هاجسا وطنيا، بنت البرازيل "ماراكانا"، وهو ستاد خرساني ضخم جديد مصمم ليكون الأكبر في العالم.
حوالي عشر سكان ريو دي جانيرو احتشدوا داخل المدرجات لمشاهدة المباراة النهائية، وأحرزت البرازيل 13 هدفا في المباريات السابقة، واعتقد البرازيليون أن تخطي أوروجواي في النهائي ليس إلا إجراء شكلي.
شنّت البرازيل وابلا من الهجمات في الشوط الأول، وما أن مرّت دقيقتان على بداية الشوط الثاني، حتى تقدّمت بهدف نظيف وسط احتفالات متوقّعة من الجمهور المحتشد، إلا أن أوروجواي رفضت الاستسلام، وقال جيجيا: "قال قائدنا.. انظروا إلي، يجب أن نسعى للفوز، وهكذا بدأنا نهاجم ونهاجم ونهاجم".
وبالفعل، تمكّن جيجيا من صناعة هدف أوروجواي الأول في الدقيقة 66 والذي أحرزه خوان ألبرتو شيافينو، وبعد 11 دقيقة، حصل الجناح الأوروجوياني على الكرة مجّددا وواجه الحارس البرازيلي مواسير باربوزا الذي ترك مسافة مفتوحة بينه وبين القائم القريب.
وقال جيجيا حول ذلك: "كان لدي جزء من الثانية لأقرر ماذا سأفعل.. قمت بالتسديد ودخلت الكرة المرمى.. كان هذا أفضل هدف سجلته على الإطلاق".
وبينما كان منشغلا في الاحتفال، لاحظ جيجيا أن الصمت سيطر على الملعب الضخم، وأضاف: "ثلاثة أشخاص أطبقوا الصمت على ماراكانا - فرانك سيناترا والبابا وأنا".
وما أن أطلق الحكم صافرة النهاية، انهمر البرازيليون في البكاء دون هوادة، وبعضهم لم يحّرك ساكنا في المدرّجات لأكثر من 10 دقائق، وصرخ اللاعبون البرازيليون بحزن، في وقت قام فيه لاعبو المنتخب الأوروجوياني بلفّة الشرف على أرض الملعب.
أغلقت المطاعم أبوابها في ريو دي جانيرو طوال اليوم، وتحدّثت الصحف في اليوم التالي عن مأساة وطنية سمّتها وسائل الإعلام بـ"ماراكانازو"، أما جيجيا، فتحوّل إلى بطل قومي في بلده الصغير.
وتمت دعوة جيجيا لمراسم قرعة كأس العالم 2014 قبل أربعة أعوام، ورغم أنه عدو شعب بأكمله، إلا أنه حظي باستقبال دافئ، بيد أن المسؤولين البرازيليين أكدوا له أنهم لا يريدون مباراة نهائية جديدة أمام أوروجواي في المونديال.
وبالفعل كان لهم ذلك، دون أن يمنع حدوث مأساة أخرى على هذا الملعب، عندما سحقت ألمانيا البرازيل بنتيجة 7-1 في نصف النهائي.
قد يعجبك أيضاً



