
لم يكن يتوقع روبرتو فيرمينو، وهو يُمسك بالقلم ليُوقع على عقود انتقاله لأهلي جدة، أنه سيتحول في أقل من عامين، من أحد أبطال الثالوث التاريخي لنادي ليفربول، رفقة محمد صلاح وساديو ماني، إلى عنصر غير مرغوب فيه في الدوري السعودي.
فيرمينو الذي سجل 111 هدفًا مع ليفربول على مدار 8 سنوات، انتقل إلى الأهلي ليكون قائده ونجمه الأول، ولكنه بات على وشك الرحيل بعد عام ونصف من انضمامه، بعدما فشل في إقناع مدربه ماتياس يايسله، بكونه من أفضل 8 لاعبين أجانب في الفريق.
المهاجم البرازيلي تعرض لانتقادات عديدة منذ انتقاله إلى "الراقي" في صيف 2023، ولكنه رد على بعض الانتقادات في الملعب، وفشل في الرد على أخرى، ليثير الانقسام بين جمهور الأهلي، حول مدى تعرضه للظلم بعد إقصائه من قائمة الفريق بالدوري.
ماذا قدم فيرمينو مع الأهلي؟
على مدار عام ونصف، شارك فيرمينو في 59 مباراة مع أهلي جدة بمختلف المسابقات، سجل خلالها 18 هدفًا، وقدم 12 تمريرة حاسمة.
وسجل البرازيلي 14 من تلك الأهداف وصنع 9 في 49 مباراة بالدوري السعودي، مقابل 3 أهداف خلال 6 مباريات بدوري النخبة الآسيوي، فيما سجل هدفًا وحيدًا في مباراة بكأس السوبر السعودي، وصنع آخر في 3 مباريات بكأس خادم الحرمين.
غير أن ما قدمه فيرمينو مع الأهلي، وإن لم يكن قويًا على المستوى الرقمي، حيث يُسهم بهدف وحيد في كل مباراتين تقريبًا، لكنه كان أكثر وضوحًا في الدور التكتيكي الذي قام به مع "الراقي"، حيث لعب في 5 مراكز مختلفة خلال تلك الفترة.
الغريب أن المركز الأبرز الذي تميز فيه فيرمينو مع ليفربول، وهو مركز المهاجم الصريح، لم يكن هو أكثر مركز لعب فيه النجم البرازيلي مع الأهلي، إذ خاض فيه 14 مباراة فقط بمختلف المسابقات، سجل خلالها 3 أهداف وصنع مثلهم.
وبرز فيرمينو بشكل أكبر في مركز صانع الألعاب، في ظل قدرته على تدوير اللعب وصناعة الفرص لزملائه، فضلًا عن الاختراق من العمق والزيادة العددية داخل منطقة الجزاء، ليسجل 10 أهداف ويصنع 8 في 31 مباراة.
في المقابل، شارك البرازيلي في 6 مباريات كمهاجم ثان، سجل خلالها هدفين، وفي مباراة وحيدة كجناح أيسر، والغريب أنه سجل خلالها هدفين وصنع آخر، أما المركز الأغرب فكان لاعب الوسط الارتكاز الذي شارك فيه في مباراة وحيدة، لم يسهم فيها بأي شكل.
فيرمينو جديد
الغريب أن فيرمينو نجح في النصف الأول من الموسم الحالي، في تحقيق أرقام قريبة من تلك التي حققها في الموسم الماضي بأكمله، رغم خوضه عددًا أقل من المباريات.
وشارك البرازيلي مع الأهلي في 25 مباراة هذا الموسم، نجح خلالها في تسجيل 9 أهداف وصناعة 5، بعدما كان قد أحرز 9 أيضًا وصنع 7 في 34 مباراة خلال الموسم الماضي.
وبدا تألق فيرمينو واضحًا هذا الموسم، بعد تعاقد الأهلي مع المهاجم الإنجليزي إيفان توني، حيث لم يعد يشارك في قلب الهجوم، وأصبح مركزه الرئيسي هو صانع الألعاب، الذي سجل من خلاله 4 أهداف وصنع مثلهم في 11 مباراة.
من يعوض فيرمينو؟
تألق فيرمينو في مركز صناعة الألعاب خلال الموسم الحالي، يضع علامات الاستفهام حول إقصائه من قائمة الفريق بدوري روشن، لا سيما وأن الأهلي لا يمتلك سوى لاعب وحيد قادر على القيام بدور صانع الألعاب، وهو الإسباني الشاب جابري فيجا.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكن مركز صانع الألعاب هو الأكثر الذي لعب فيه فيجا هذا الموسم، حيث خاض فيه 5 مباريات، مقابل 7 مباريات لعبها في مركز الجناح الأيسر، وهو المركز الذي سيتركه للبرازيلي جالينو المنضم حديثًا من بورتو.
وبشكل عام، شارك فيرمينو مع الأهلي في 31 مباراة كصانع ألعاب على مدار موسم ونصف، سجل خلالها 10 أهداف وصنع 8، فيما خاض جابري فيجا 14 مباراة بنفس المركز في نفس الفترة، سجل خلالها 5 أهداف وصنع 3.
ورغم التقارب في أرقام اللاعبين بمركز صناعة الألعاب على مدار موسم ونصف، إلا أن الموسم الحالي يمنح الأفضلية لفيرمينو بفارق واضح، حيث شارك في 11 مباراة، أسهم خلالها في 8 أهداف، بواقع 4 أهداف و4 تمريرات حاسمة، ليسهم بمعدل هدف في أقل من مباراة ونصف.
في المقابل، لم يكن فيجا، صاحب إنتاجية مرتفعة في مبارياته 5 بمركز صناعة الألعاب خلال الموسم الحالي، حيث سجل خلالها هدفًا وحيدًا وصنع مثله، بمعدل الإسهام بهدف في كل مباراتين ونصف.
الشيء الأكثر غرابة أن يايسله لم يعتمد أصلا على فيجا كصانع ألعاب في أول مباراة أقصى فيها فيرمينو من دوري روشن، ضد الفتح، حيث لجأ إلى فراس البريكان الذي لعب أولى مبارياته مع الأهلي في هذا المركز، ولم ينجح في تقديم أي إضافة.
ورغم تألقه في المباراة الوحيدة التي خاضها كجناح أيسر، ضد الشرطة العراقي، وتسجيله لهدفين وصناعة آخر، إلا أن يايسله لم يشرك فيرمينو مرة أخرى في هذا المركز، وهو ما يعني أن الوافد الجديد جالينو، لم يكن هو سبب إقصاء مواطنه من قائمة الأهلي.
كيف فكر يايسله؟
يبدو واضحًا أن يايسله سيعتمد على إيفان توني كمهاجم وحيد، فيما سيكون فراس البريكان بديله الأوحد، وهو أيضًا بديل جابري فيجا في مركز صانع الألعاب، وكلاهما سيكون بديلًا لجالينو في الجناح الأيسر، في ظل سوء مستوى سميحان النابت، الذي لم يسهم بأي هدف في 17 مباراة.
ولعل وجود فيرمينو كان سيمنح المدرب الألماني، فرصة امتلاك بدائل أكثر في كل مركز من مراكز الهجوم، لا سيما في ظل التنوع الكبير الذي يتميز به وقدرته على اللعب في كل مركز، لكن المراكز الأخرى أجبرته على هذا الخيار الذي يمثل خسارة هائلة لهجوم الراقي.
ولم يكن يايسله قادرًا على ترك حارسه الأساسي إدوارد ميندي، ولا ثنائي قلب الدفاع روجر إيبانيز وميريح ديميرال، ولا ثنائي الوسط فرانك كيسيه وجابري فيجا، ولا جناحيه جالينو ورياض محرز، ولا المهاجم الأوحد إيفان توني.
هل تعرض فيرمينو للظلم؟
لم يكن جالينو هو اللاعب الذي أقصى فيرمينو، صحيح أن ضمه كان سببًا، لكن يايسله أقصى "بوبي" لصالح جابري فيجا، منافسه الوحيد في صناعة الألعاب، رغم أفضلية البرازيلي في الموسم الحالي.
ويبدو أن تنوع قدرات اللاعب الإسباني في مراكز الوسط، وصغر سنه، والمخاطرة برحيله حال رفعه من قائمة الفريق بالدوري السعودي، وراء تفضيله على نجم ليفربول السابق.
ويمكن القول إن الأهلي لم يظلم فيرمينو حين قرر عدم قيده، لأنه لم يكن من الممكن أن يحجز مقعدًا بدلًا من أي من أجانب الأهلي الثمانية، ليس لأنه أسوأ منهم، ولكن لحاجة الفريق إلى كل واحد منهم، لكن البرازيلي لم يكن يستحق أيضًا أن يخرج من القائمة.
هل يرحل فيرمينو؟
وإذا كان الخوف من رحيل فيجا، صغير السن، سببًا في قيده على حساب فيرمينو، فمن المنطقي أن يكون هذا هو مصير نجم ليفربول السابق، الذي كان قبل سنوات قليلة أحد أفضل المهاجمين في العالم.
المهاجم البرازيلي على الأرجح لن يرضى بخوض مباريات البطولة الآسيوية فحسب، والتي لن تزيد عن 6 مباريات بأي حال من الأحوال، وهو ما اتضح من خلال الأنباء العديدة التي ربطته بالرحيل عن الأهلي خلال الفترة المقبلة.
ويبدو أن الفريق الأقرب لخطف المهاجم البرازيلي، هو فنربخشة الذي أبدى اهتمامه بالتعاقد مع اللاعب، ولو على سبيل الإعارة، حتى يتضح موقفه في الموسم المقبل مع الأهلي، لا سيما وأن الميركاتو الشتوي ينتهي في الدوري التركي، غدًا الثلاثاء.



