
قدّر لي، و بمحض الصدفة و بخالص الفأل الحسن، أن تكون رحلة إجازتي الصيفية في الذهاب و العودة، على ذات الطائرة الميمونة التي أقلت النشامى في معسكرهم التدريبي الأول رفقة الجهاز الفني الجديد بقيادة الكابتن جمال السلامي. و كم كان هذا الموعد غير المخطط له فرصة رائعة للخروج بانطباعات أولية عن الكتيبة الأردنية في بداية مشوار الإعداد للدور الثالث من تصفيات كأس العالم.
و قد أبهرني الانضباط الشديد الذي ظهر عليه أبطالنا بلباسهم الأحمر الجديد الذي تزينه النجمة السباعية الفاخرة، و الاحترافية العالية للطاقم الإداري و الطبي. و قد تحرك الكابتن السلامي بوقار و هيبة في طليعة الوفد المسافر، فيما كان نجوم الفريق في غاية البشاشة و اللطف مع جميع المسافرين الذين بادلوهم التحايا و الابتسامات، و لم يرفض النشامى طلبا من عشاقهم لأخذ صورة تذكارية أو تبادل حديث لطيف. و تبسم الحارس الأمين يزيد أبو ليلى عندما سألته عن سر الضمادة الصغيرة على طرف حاجبه الأيسر، و أوضح ضاحكا أن السبب في هذه "الإصابة" يد ابنته الصغيرة حماها الله. فيما تلطف النجوم عبدالله نصيب و محمد أبو زريق "شرارة" و عبدالله الفاخوري بالتقاط صور تذكارية مع كاتب هذه السطور.
لكن لغة الجسد التي تتدفق من معسكر أبناء السلامي تشي بالكثير من التصميم على إحداث إنجاز كبير في التصفيات المقبلة. و تذوب النادوية بين الرفاق على أجنحة الرحلة، و في جميع الأحوال يمكن للملاحظ الحصيف أن يناظر كيف يترافق المدافعون معا و المهاجمون سوية في "تشكيلات" غير رسمية تحكي عن صداقات بحكم الاختصاص. ترى أصحاب الخبرة يعطفون على الشباب، أما النجوم الصاعدون فيتحرقون لاثبات الذات في كل خطوة و في كل كلمة. هذا التبادل الأثير في معطيات الحواس بين المخضرمين من أمثال سالم العجالين و رجائي عايد و براء مرعي و فراس شلباية يتقاطع مع تلهف مهند أبو طه و محمد أبو النادي و عارف الحاج و سيف درويش. هذه كتيبة تعج بالمشاعر و تعرف ماذا تريد.
عادت طائرة الرحلة بسلام إلى أرض الوطن، و قد كان الانطباع العام لدى النجوم أن المعسكر حقق أهدافه، أما السلامي ففرض أحترامه على الجميع من الساعة الأولى. وقد حرصت أن أوجه التحية لطبيب المجموعة البشوش و المبتسم دائما، وأن أشكر إداري المنتخب على جهده الواضح و قيادته لفريق منضبط محترم. و قد كانت عطلتي مع العائلة ممتعة جدا، و زادها ألقا ذاك الشعور الكبير بالفخر الذي غمرني بصحبة النشامى.
و فيما خرجنا نعانق صباح عمّان الحبيبة قطعت لهم في سرّي وعدا مجبولا بأمنية غالية، و هو أن أكون، إن شاء الله، على طائرتهم يوم يرتحلون لكتابة التاريخ في المونديال القادم!
* محلل رياضي وأستاذ دكتور جامعي أردني
قد يعجبك أيضاً



