
أدرك الاتحاد الأردني لكرة القدم متأخراً، أن لا مجال لمغامرات جديدة في التعاقد مع مدربين "خواجات" استنفذوا أمواله دون تحقيق الهدف المطلوب، فما آل إليه وضع منتخب النشامى، كان محزناً وقاسياً للغاية.
الاتحاد الأردني على امتداد مسيرته، عاش عصر الازدهار والتطور والانجاز، في عهد ثلاثة مدربين هم المرحومين محمد عوض ومحمود الجوهري، وعدنان حمد.
ولأن حنين العودة لاستعادة المجد الكروي، بدأ يداعب فكر كل من له علاقة بكرة القدم الأردنية بعد انتكاسات مستمرة على امتداد ثماني سنوات، كان الخيار يقع سريعا على العراقي عدنان حمد الذي لم يتردد في قبول المهمة، وربما كان ينتظر هذه الفرصة على أحر من الجمر.
ما يربط العراقي عدنان حمد بالكرة الأردنية، أكبر من عقد حبر على ورق، فالعلاقة وطيدة، والعشق متبادل، مما سرّع الاتفاق معه ليعود ويتسلم مهمة المدير الفني بعد مضي "8" سنوات على آخر مرة تسلم فيها ذات المهمة.
عدنان حمد طيلة السنوات الثماني الماضية، لم يكن بعيداً عن كرة القدم الأردنية حيث يعرف "كواليسها وأسرارها"، وقد أقام في الأردن، وتولى تدريب فريق الوحدات، وبعدها بقي على تماس مباشر مع أسرة الكرة الأردنية، وكان يحرص دائماً على متابعة اللاعبين ويستقبلهم في منزله في العاصمة القطرية الدوحة، مكرساً العادات العربية الأصيلة التي تميز العرب عن غيرهم من الشعوب.
اعلان الاتحاد الأردني اتفاقه مع حمد، قابله الكثيرون بالترحيب، وهناك من لم يعجبه الأمر بحجة أنه لم يُدرب منذ ثلاث سنوات، وأن كل ما يملكه قدمه للكرة الأردنية في مهمته الأولى.
حمد ربما ابتعد عن التدريب الميداني، لكنه لم يبتعد كلياً عن مجاله، بل ازداد ثقافة ودراية بعلوم كرة القدم عندما عمل محللاً، وقد يقدم الجديد للمنتخب الأردني في المرحلة المقبلة، فاستراحة المحارب فرصة لمراجعة الأفكار وتطويرها.
وحمد الذي يحمل درجة الدكتوراة في إعداد المنتخبات الوطنية ودراسة لواقع إعداد المنتخب الأولمبي العراقي قبل اولمبياد أثينا 2004، يجمع في رؤيته الفنية والتدريبية بين العلم والعمل، وهذا شيء مهم في مسيرة المدربين.
ويوقن حمد جيداً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وتنتظره تجربة جديدة مع النشامى لا تخلو من العراقيل، لكنه بطبعه يعشق التحدي ويتمتع بالطموح، ولديه الغيرة والرغبة الكبيرة لخدمة الكرة الأردنية عبر مشروع تطويري يأمل في تطبيقه، وهذا من الصعب أن تجده في أي مدرب.
ولولا أن حمد تلمس الأرضية الخصبة لتطبيق مشروعه للنهوض بالكرة الأردنية، لاعتذر عن تسلم المهمة بكل أدب جم، لكنه يدرك أن ثمة مواهب لو تم توظيفها بالشكل الأمثل، ومنحها الثقة والنصيحة، ستبدع وتحقق أهداف مشروعه، وقد يحقق مع النشامى ما لم يحققه من ذي قبل.
وعلاوة على كل ما سبق، فحمد يتمتع بكاريزما جاذبة يغلفها الهدوء والحكمة، ويستحوذ على محبة واعجاب اللاعبين له استناداً لتاريخه الرائع سواء كلاعب أو مدرب، مما يجعل منظومة المنتخب متراصة لا يشوبها شائبة كما كان يحدث في عهد البليجيكي فيتال بوركلمانز، والمخفي أعظم.
نُقبل على الجزء الثاني من حكاية حمد ومنتخب النشامى، ولا جدوى الآن من الحديث حول امكانية نجاحه أو فشله، امنحوه فرصة العمل بعيداً عن الضجيج، وكرّسوا الجهود لتوفير مستلزمات النجاح أملاً باستعادة البريق المفقود للكرة الأردنية.



