طقوس التتويج.. النصر يكرر انطلاقاته التاريخية نحو لقب الدوري السعودي

كتب النصر فصلًا جديدًا من تاريخه الذهبي في الدوري السعودي للمحترفين، بعدما واصل انطلاقته المبهرة هذا الموسم محققًا فوزه الخامس تواليًا، في مشهد يُعيد إلى الأذهان بدايات موسمي التتويج الكبيرين 2014ـ2015 و2018ـ2019.

وبعد الانتصار العريض على الفتح بنتيجة 5ـ1 مساء أمس السبت، على ملعب الأول بارك في الرياض، بات النصر أمام نسخة مطابقة تقريبًا من بداياته التاريخية، حينما كان الفوز في الجولات الأولى بوابة الصعود إلى القمة وحصد اللقب في نهاية المشوار.

لم يكن فوز النصر هذه المرة مجرد ثلاث نقاط جديدة في رصيده، بل امتدادًا لحالة من الهيمنة الفنية والتكامل الهجومي التي يعيشها الفريق، بقيادة مدربه البرتغالي جورجي جيسوس، الذي جعل "العالمي" المرشح الأبرز للقب منذ الجولات الأولى.

تكرار الإنجاز للمرة الثالثة في التاريخ

سجّل النصر انتصاره الخامس تواليًا، للمرة الثالثة في تاريخه بالدوري السعودي للمحترفين، بعد فوزه الكبير على الفتح، ليُكرّر الانطلاقتين المثاليتين اللتين أنهاهما بطلًا للدوري في موسمي 2014ـ2015 و2018ـ2019.

وواصل الفريق النصراوي مسيرته الناجحة تحت قيادة البرتغالي جورجي جيسوس، بعدما أضاف الفتح إلى قائمة ضحاياه في النسخة الجارية من دوري روشن السعودي، وهي الحصيلة ذاتها التي سبق أن حققها مرتين في أول خمس جولات، الأولى بإشراف الإسباني راؤول كانيدا، والثانية في حقبة الأوروجواياني دانييل كارينيو.

من كانيدا إلى كارينيو.. طريق اللقب يبدأ بخمسة انتصارات

في موسم 2014ـ2015، قاد كانيدا النصر إلى خمسة انتصارات متتالية في انطلاقة الدوري السعودي، على حساب نجران (4ـ1)، والرائد (2ـ1)، والخليج (1ـ0)، والفتح (4ـ1)، والشعلة (2ـ1)، قبل أن تتوقف السلسلة عند الجولة السابعة بالخسارة أمام الأهلي (1ـ2).

ورغم إقالة كانيدا لاحقًا، فإن الفريق واصل طريقه نحو التتويج تحت قيادة الأوروجواياني جورجي دا سيلفا، الذي أكمل المشوار بنجاح حتى حصد اللقب.

وبعد أربع سنوات، وتحديدًا في موسم 2018ـ2019، أعاد الأوروجواياني الآخر دانييل كارينيو المشهد ذاته، حين قاد الفريق إلى خمسة انتصارات متتالية، على أحد والفيصلي والقادسية والتعاون والحزم، قبل أن يواصل البرتغالي روي فيتوريا المهمة ويُتوج بالدوري في نهاية الموسم.

واليوم، يسير جيسوس على النهج ذاته، مُحققًا خمسة انتصارات متتالية في مستهل موسم 2025ـ2026، بدأها بخماسية في التعاون، ثم فوزين على الخلود والرياض، وانتصار ثمين على الاتحاد، وأخيرًا خماسية ثانية في شباك الفتح.

وفي لقاء أمس السبت، تألق البرتغالي جواو فيليكس بتسجيله "هاتريك" جديد، بينما أضاف كريستيانو رونالدو وكينجسلي كومان هدفين رائعين، في حين سجّل الجزائري سفيان بن دبكة هدف الفتح الوحيد.

ورفع النصر رصيده إلى 15 نقطة، ليعزز موقعه في صدارة الدوري بالعلامة الكاملة، بينما تجمد رصيد الفتح عند نقطة واحدة، في المركز السادس عشر.

أرقام قياسية بلمسة جيسوس

وبحسب موقع الإحصائيات العالمي "سوفا سكور"، واصل النصر تحت قيادة جيسوس بدايته المثالية في الدوري، محققًا خمسة انتصارات من خمس مباريات، مسجلًا 19 هدفًا بمعدل 3.8 هدف في المباراة، مقابل هدفين فقط استقبلتهما شباكه، مع حفاظه على نظافة مرماه في ثلاث مواجهات، فيما بلغ متوسط تقييم الفريق 7.30 كأعلى معدل بين فرق الدوري حتى الآن.

كسر الرقم التاريخي للاتحاد

ولم يكتفِ النصر بجمع النقاط، بل حطم رقمًا قياسيًا صمد أكثر من 13 عامًا، بعدما كسر الرقم التاريخي لاتحاد جدة، كأكثر فريق تسجيلًا للأهداف في أول خمس جولات من الدوري.

فقد رفع النصر رصيده التهديفي إلى 19 هدفًا، متجاوزًا الرقم الاتحادي السابق (18 هدفًا) الذي ظل قائمًا منذ موسم 2011ـ2012، وفقًا لإحصاءات صحيفة "الرياضية" السعودية.

ويستند الفريق النصراوي في تفوقه إلى ترسانة هجومية من الطراز العالمي تضم رونالدو، وفيليكس، وكومان، وساديو ماني، ما جعل خط المقدمة النصراوي الأقوى والأكثر غزارة تهديفية في المسابقة، متفوقًا على الشباب والهلال اللذين يملكان 16 هدفًا في العدد ذاته من الجولات.

قوة الحسم في الأوقات الأخيرة

هيمنة النصر امتدت أيضًا إلى الأوقات الحاسمة من المباريات، حيث سجل أربعة أهداف من أصل خمسة في شباك الفتح، خلال آخر ربع ساعة من اللقاء، ليؤكد تفوقه البدني والذهني على منافسيه، بحسب إحصاءات شبكة "أوبتا"، التي كشفت أن العالمي هو الفريق الأكثر تسجيلًا في الدقائق الأخيرة من مباريات الدوري السعودي، هذا الموسم.

أما على صعيد الأرقام الفردية، فقد انعكس التفوق الجماعي في النصر على سباق الهدافين، إذ يتصدر جواو فيليكس القائمة بـ8 أهداف، متفوقًا بثلاثة أهداف على زميله رونالدو (5 أهداف)، فيما يتقاسم كينجسلي كومان وساديو ماني صدارة صناع اللعب، بـ4 تمريرات حاسمة لكل منهما.

ويبدو أن النصر هذا الموسم لا يبحث فقط عن الأرقام، بل عن "بداية البطل" التي كُتبت بالفعل، ويوشك على إعادة التاريخ الذي تكرر مرتين في الماضي.