
لا تحتاج الأحداث الكبرى غالبا لكلمات خاصة تصفها، ففي ذاتها يكمن الإنجاز وفي ندرتها تتبلور جهود أصحابها فتخلد للأبد.
في الأول من ديسمبر/ كانون الأول عام 2004 استجمع اتحاد جدة السعودي كل ما أوتي من قوة ليعود من بعيد محققا أكبر إنجازاته على مر الأزمنة.
فمن معقل فريق سيونجنام في كوريا الجنوبية حقق العميد الريمونتادا الأعظم في تاريخ آسيا، عندما فاز رفاق محمد نور بخماسية نظيفة خارج الأرض، بعد خسارة قاسية في جدة ذهابا 3-1، في نهائي دوري أبطال آسيا.
حلم مفكك
لم يكن أشد المتشائمين من جماهير الاتحاد يتوقع ما جرى في مباراة الذهاب، إذ كان السقوط مروعا (3-1)، وسط تفكك تام للدفاع الأصفر والأسود الذي عرف فريق سيونجنام الكوري الجنوبي كيف يستغل ثغراته وأخطائه الفادحة.
ورجع الضيف إلى بلاده محملا بآمال لامست حدود السماء، فنظريا لم يكن هناك من يعترض على القول بأن منافس الاتحاد يقبض بالفعل على الكأس القارية.
قرار جرئ
فور الخسارة الصادمة في ذهاب النهائي لم ينتظر رئيس الاتحاد التاريخي منصور البلوي طويلا، فقرر إقالة المدرب الكرواتي توميسلاف إيفيتش، بعد أخطائه الكارثية في المباراة، التي وضعت حلم النادي وجماهيره في خانة المستحيل، وعين مساعده الشاب –حينها- دراجان تالاييتش ليخوض التحدي الأهم في مسيرته.
بصيص أمل
"شاهدنا لقاء نصف النهائي أمام جيونبوك، وشعرنا بعدها أن لدى اللاعبين ما سيفعلونه في كوريا" إبراهيم البلوي رئيس بعثة الاتحاد.
استلهم الاتحاد ما يمكن أن يفعله في كوريا، من مباراته في الدور السابق أمام جيونبوك فقد حجز مكانه في النهائي عبر ملحمة خاضها في سيؤول أيضا، حين أخمد طموح منافسه وتعادل 2-2 بعد أن كان خاسرا بهدفين، علما بأنه فاز ذهابا في جدة 2-1.
استعادة الثقة
لم يكن أمام المدرب تالاييتش سوى تعزيز الجوانب النفسية، لترميم ثقة اللاعبين المهتزة، وعن ذلك قال لموقع الاتحاد الآسيوي: "مهمتي الأولى كانت إيقاظ اللاعبين نفسيا، ولحسن الحظ وثقوا بي، وكنا قادرين على تحقيق شيء".
أما فنيا فقد حاول المدرب الشاب الذي كان حينها في الـ38 عمره، أن يرمي بثقله الهجومي دون تردد، فقد عكف في الأيام السابقة للقاء على تدريب اللاعبين على طريقة (4-1-4-1)، الأمر الذي منح اللاعبين الثقة تدريجيا، حتى جاء هدف رضا تكر بعد نصف ساعة من اللعب، ليبدأ إيقاع الريمونتادا في الانسجام شيئا فشيئا.
"ربما كنت مجنونًا حين لعبت بـ5 مهاجمين، أخبرت الجميع قبل المباراة أننا سنفوز" تالاييتش مدرب الاتحاد.
المستحيل ليس اتحاديا
بعد هدف تكر، تبدد خوف لاعبي الاتحاد، وتشجعوا في التحرك صوب مرمى سيونجنام، فلم يكن لديهم ما يخسرونه، وفي الدقيقة 45+4 (الشوط الأول) سجل المخضرم حمزة إدريس الهدف الثاني.
وفي الشوط الثاني كان التألق من نصيب أسطورة العميد محمد نور الملقب بـ "القوة العاشرة" الذي أحرز هدفين (55، و78) ليطمئن الاتحاد على اللقب العائد من بعيد، قبل أن يطلق مناف أبوشقير رصاصة الرحمة بهدف خامس (94).
عاد الاتحاد إلى جدة حاملا الكأس القارية، وذكرى أبدية لن تمحى، فقد بات يومها وحتى الآن صاحب الريمونتادا الأعظم في تاريخ آسيا.
تشكيل الاتحاد: الحارس حسين الصادق، رضا تكر، أسامة المولد، حمد المنتشري، خميس العويران، مشعل السعيد (علي سهيل) مناف أبو شقير، تشيكو (سعود كريري)، مرزوق العتيبي، محمد نور، حمزة إدريس (إبراهيم سويد).
قد يعجبك أيضاً



