Reutersعادة ما تكون الريمونتادا في المواجهات الإقصائية، حين يعود فريق من بعيد ليثأر من محطّمه، لكن أن تأتي في مواجهة دوري، والخاسر منتصر فوق ميدان آخر، فهذا لا نراه كل يوم.
تفاصيل دقيقة للغاية تغير مصائر الأندية في عالم كرة القدم، وهذا بالضبط ما فعلته 127 ثانية في تاريخ مدينة مانشستر والدوري الإنجليزي بوجه عام.
أجواء حماسية
13 مايو/أيار 2012، تاريخ لن تنساه مانشستر إلى الأبد، حيث الجولة الأخيرة من البريميرليج، الذي يتنافس قطبا المدينة (يونايتد وسيتي) على الظفر بلقبه.
وصل السيتي المحطة الأخيرة، وهو متصدر الترتيب (86) بفارق الأهداف عن يونايتد، لمواجهة على أرضه أمام كوينز بارك رينجرز، الذي يصارع للبقاء.
بينما ذهب يونايتد، للقاء ساندرلاند، الذي ضمن البقاء، خارج الأرض، ويحتاج إلى (+9 أهداف) حال فاز السيتي (+1) لخطف اللقب.
دخل السيتي (ثالث الموسم الماضي) المباراة، محملا بضغوط هائلة، فلم يفز بالبريميرليج سوى مرتين، آخرهما قبل 44 سنة، كما يواجه شكوكا حول جدوى مشروع الإدارة التي أنفقت نحو 1.6 مليار دولار، لشراء لاعبين من طراز عالمي.
أما يونايتد، حامل اللقب (فاز بـ4 من آخر 5 دوريات)، فيعيش أعظم فترات تاريخه، تحت قيادة السير أليكس فيرجسون، بعدما تجاوز ليفربول أخيرا في عدد ألقاب الدوري الإنجليزي (19 لقبا).
وضع الإيطالي روبرتو مانشيني، تشكيلة مدججة بالنجوم، تلائم موقعة الحسم: جو هارت (حارس)، بابلو زاباليتا، كومباني، ليسكوت، كليشي، يايا توريه، باري، نصري، تيفيز، دافيد سيلفا، أجويرو.
فيما كان مارك هيوز، مدرب كوينز بارك رينجرز حينئذ، يسعى لتدمير السيتي بكل ما أوتي من عزم؛ ليثأر من إقالته عام 2009 وتعيين مانشيني بدلا منه، وكذلك ليخدم فريقه السابق (يونايتد).
حسرة حمراء
في تمام الثانية ظهرا، أطلق مايك دين، صافرة بداية المباراة، بينما تتسارع نبضات القلوب في كل أرجاء مانشستر، ليبدأ السيتي في طوفان هجومي على ضيفه دون جدوى.
بحلول الدقيقة 20، ضربت الجماهير الزرقاء صدمة من خارج المدينة، واين روني يسجل هدف يونايتد الأول في سندرلاند.
وبعد دقائق من الصدمة الأولى، بدا يايا توريه، الذي يلعب الدور الأهم في الفريق، مصابا، إلا أنه تحامل على نفسه.
وأهدت جملة بين سيلفا وتوريه، الكرة إلى أقدام زاباليتا داخل المنطقة، ليسدد صاروخية فشل بادي (حارس الضيوف) في صدها ليتقدم أصحاب الأرض في الدقيقة (39).
ومع اللحظات الأخيرة من الشوط الأول خرج توريه مضطرا، على وقع الإصابة، ليحل مكانه نايجل دي يونج، بينما كانت الحسرة تغطي النصف الأحمر من مدينة مانشستر.
الجنون بلون السماء
بدأ لاعبو السيتي، الشوط الثاني معتقدين أنهم ضمنوا اللقب، إلا أن خطأ فادحا من المدافع جوليان ليسكوت، أثناء تشتيت إحدى الكرات برأسه، تسبب في انفراد المهاجم الفرنسي جبريل سيسيه بمرمى جو هارت، مسجلا التعادل (48).
48 ألفا من جماهير السيتي في ستاد الاتحاد، سيطر عليهم التوتر، حتى الدقيقة (55)، إذ تلقى قائد الضيوف جوي بارتون، البطاقة الحمراء؛ لتعمده ضرب تيفيز دون كرة.
القلق الذي انتاب جماهير يونايتد، إثر البطاقة الحمراء لم يدم طويلا، ففي الدقيقة 66 تمكن كوينز بارك رينجرز من تسجيل الهدف الثاني، عبر جيمي ماكي، لتزداد الإثارة على الجانبين.
"المشاهد واضحة الحزن يخيم على جماهير السيتي الدموع بدأت بالتساقط، لا يريدون تصديق هذا اليوم".. معلق المباراة على قناة أبو ظبي فارس عوض (90).
على الجانب الآخر خرج يونايتد فائزا 1-0، وفي ملعب الاتحاد انتهى الوقت الأصلي، بينما بدا أن لا قيمة على الإطلاق لما قدمه السيتي من أداء خرافي اليوم، فالاستحواذ (81%) بالإضافة إلى 42 تصويبة و18 ركلة ركنية، لن يغيروا من الواقع شيئا.
وفي الدقيقة 92، نفّذ ديفيد سيلفا الركنية الأخيرة (19)، ليقابلها الدولي البوسني إدين دجيكو برأسه، مسجلا التعادل، لتدب الحياة من جديد في نصف المدينة الأزرق.
"هل هناك جنون أكثر من هذا الجنون؟ الدوري لم ينته بعد بالنسبة لجماهير السيتي، بالنسبة للاعبيهم، يريدون هدفا يعيدهم من بعيد، يجعلهم يستفيقون من هذا الكابوس".. فارس عوض (92)
الكل يقف على أعصابه في شطري مدينة مانشستر، بل في إنجلترا قاطبة، والعالم أجمع، وها هو أجويرو يحصل على الكرة من زميله البديل بالوتيلي، ويصوب صاروخية من داخل المنطقة (90+4) معلنا فوز السيتي بالبريميرليج الثالث في تاريخه.
"مانشستر لم تعد لليونايتد وحده بعد اليوم.. مانشستر زرقاء اليوم".. فارس عوض (94).

قد يعجبك أيضاً



