
يقال في الموروث الشعبي "ما بيحرث الأرض إلا عجولها".
المقولة كناية عن أن أصحاب الأرض هم أولى بحراثتها والعناية بها، والأكثر أمانة في الحفاظ عليها وتقديم أفضل ما عندهم في خدمتها.
هذه المقولة انطبقت تماما على المنتخب العماني، الذي بدأ التصفيات الحاسمة للتأهل لكأس العالم المقبلة، بخسارتين مؤلمتين الأولى أمام العراق بهدف، والثانية على أرضه وبين جمهوره أمام كوريا الجنوبية 1-3، سجل فيها المنتخب الكوري الأهداف الأربعة.
الاتحاد العماني كان جرئيا وسريعا في اتخاذ قرار إقالة لمدرب التشيكي ياروسلاف شيلهافي، الذي تمسك بأفكاره التي أضرت بالمنتخب، فبات حبيسا لأسلوب عقيم، وخطوط مفككة مع غياب القدرات الهجومية تماما، واعتقد الجميع أن هذا المنتخب سيكون طريق عبور لبقية فرق المجموعة نحو المونديال.
والقرار الأكثر جرأة بوجهة نظري هو تعيين المدرب الوطني رشيد جابر خلفا للمدرب الأوروبي، خاصة وأنه جاء في وقت حساس والخطأ مرفوض تماما مع وضع المنتخب المتأخر على سلم الترتيب، لكنه في الوقت ذاته يحظى بثقة الجمهور العماني.
جابر على ما يبدو ركز على النواحي النفسية للاعبي السلطنة، وأعاد لهم الثقة بالنفس، والقدرة على إخراج أفضل ما لديهم، فكان الظهور الرائع أمام المنتخب الكويتي، والذي توج بالفوز برباعية نظيفة أمام نظر وسمع الجمهور العماني الذي خرج سعيدا بعد محطتين من الإحباط وفقدان الأمل.
المشوار ما زال طويلا، لكن ما فعله جابر يؤكد أن كل دولة فيها أبناء قادرون على التغيير نحو الأفضل، وأن المدرب الأجنبي مهما كانت خبرته وقدراته، إلا أنه يبقى أسيرا لأحلامه وطموحاته الشخصية وأرباحه من صفقة التعاقد، ضاربا بعرض الحائط بمشاعر الجمهور من خلال قراراته الفردية وعناده وتكبره في بعض الأحيان، في سبيل إثبات أنه الأفضل، وأن المشكلة بالمحيطين بالمنظومة، ولا يعترف بفشله وعجزه عن تحويل المسار من الإحباط إلى الأمل والفوز.
التصفيات الحالية أظهرت أكثر من مدرب أجنبي بات تهديدا خطيرا لطموحات المنتخب والجماهير، ولو دققنا في مراكز جميع المنتخبات العربية في المجموعتين، لوصلنا إلى المقصود بسرعة، فبعض المنتخبات التي دخلت التصفيات بطموحات التأهل وتغيرت مراكزها بسرعة، وباتت حظوظ تأهلها مرهونة بالتغيير أكثر بكثير من مجرد رفع المعنويات وانتظار الهدايا من المنافسين.



