
الوصول إلى القمة صعب، أما الأصعب أن تبقى فيها، فبعد أن بلغ المنتخب السعودي عنان السماء في مشاركته المونديالية الأولى عام 1994 على الأراضي الأمريكية، بات البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا المدير الفني للأخضر، تحت الضغط، من أجل تحقيق إنجاز أكبر، أو معادلته على الأقل، في مهمته مع الفريق بمونديال 1998.
قبل 5 أشهر من انطلاق كأس العالم في فرنسا، تعاقد اتحاد الكرة السعودي مع بيريرا من أجل قيادة المنتخب في مونديال فرنسا، الذي تأهل إليه بعد مشوار طويل في التصفيات، قاده خلاله أولًا البرتغالي نيلو فينجادا، ثم الألماني أوتوفيستر.
ولم يكن بيريرا، المتوج بمونديال 94 مع منتخب بلاده، غريبًا على الكرة السعودية، إذ سبق أن تولى تدريب الأخضر بين عامي 1988 و1989، وعودته هذه المرة، كانت من أجل مهمّة خاصّة جدًا، وهي عبور المجموعة الثالثة، التي تضم فرنسا صاحبة الأرض والدنمارك وجنوب إفريقيا، إلى جوار المنتخب السعودي.
إعداد مقلق
اتفق اتحاد الكرة السعودية مع بيريرا على خوض مباريات ودية قوية استعدادًا للمونديال، لعب خلالها مع منتخبات من نوعية ألمانيا وإنجلترا والمكسيك والنرويج، بهدف إكساب اللاعبين الاحتكاك والثقة قبل خوض البطولة.
وجاءت نتائج الاخضر مع بيريرا، خلال فترة الإعداد، متذبذبة، حيث لعب 8 مباريات، خسر منها اثنتين أمام ألمانيا 3-0، والنرويج 6-0 (قبل أيام من المونديال)، وتعادل 4 مرات أمام جاميكا وإنجلترا والمكسيك بنتيجة سلبية، وأيسلندا 1-1، وفاز مرتين فقط على ترينداد وتوباجو، وناميبيا، بنتيجة واحدة 2-1.
وبغضّ النظر عن تباين النتائج، كان الأداء السعودي أقل كثيرًا من المستوى المأمول، باستثناء ودية إنجلترا، وكانت هناك علامات استفهام كبيرة على تمسك بيريرا بوجود بعض الأسماء في قائمة المنتخب المتجهة إلى فرنسا، والتي لا تبدو قادرة على حمل آمال الجمهور السعودي في المحفل العالمي.
خسارة وإحباط
كانت ضربة البداية للمنتخب السعودي في المونديال، أمام الدنمارك المدججة بأسماء رنانة، على شاكلة بيتر شمايكل ومايكل وبرايان لاودروب وإيبي ساند وغيرهم، ورغم ذلك كانت الثقة حاضرة، عطفًا على ما حققه الأخضر في النسخة العالمية السابقة، إلى جانب كونه بطلًا لقارته قبل عامين فقط.
وبالفعل بعد مرور الشوط الأول من المباراة، لم يظهر أن هناك فوارق كبيرة بين المنتخبين، لكن ما أغضب السعوديون، تلك الخطة الدفاعية التي استخدمها بيريرا في المباراة، وقوّضت كثيرًا من قدرات البطل الآسيوي.
واعتمد بيريرا على خطة 4-5-1 بوجود فؤاد أنور وخميس العويران على الدائرة، ومعهما في الوسط سعيد العويران وإبراهيم سويد وخالد مسعد، وفي الأمام سامي الجابر كمهاجم وحيد، وفي ظل لجوء المدرب البرازيلي للدفاع على عكس بني جلدته، انعزل الجابر وحيدًا في الأمام بعدما لم يجد مساندة من خماسي الوسط المنشغل بواجباته الدفاعية.
وحتى عندما تقدّمت الدنمارك بهدف في الدقيقة 69 عن طريق المدافع مارك ريبر، لم يحرك بيريرا ساكنًا، وأخّر تغييراته الثلاثة إلى ما قبل صافرة النهاية بـ12 دقيقة، عندما دفع بحمزة صالح وعبيد الدوسري ويوسف الثنيان بعد فوات الأوان.
وما زاد غضب الجمهور السعودي، هو عناد بيريرا عندما أدخل عبيد الدوسري الذي لم يكن مقنعًا خلال المباريات الإعدادية قبل كأس العالم، وتجاهل المهاجم الخطير فهد المهلل، كما أشرك الثنيان في الدقيقة 84، وهو ما لم يساعد النجم المخضرم على صنع أي فارق في المباراة.
وبعد الخسارة خرج بيريرا ليعبر عن إحباطه قائلًا: "كنا منظمين وخسرنا المباراة في وقت تسلمنا فيه زمام المبادرة، وخلقنا مساحات في مناطق المنافس، وأنا محبط من الخسارة".
عناد
المباراة التالية للمنتخب السعودي، كانت أمام فرنسا، واستشعارًا بخطورة الموقف، عقد الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اتحاد الكرة السعودي، اجتماعًا ببيريرا ولاعبيه، شدد لهم خلاله على ثقته الكبيرة فيهم لتجاوز المنعطف الصعب، واستعادة آمال التأهل.
من جانبه كان بيريرا واقعيًا، حين أكد أن فرنسا هي المرشحة للفوز، موضحًا أنه يبحث عن نقطة واحدة فقط، تُبقي حظوظ المنتخب السعودي في التأهل إلى دور الـ16، قبل المواجهة الأخيرة ضمن المجموعة أمام جنوب إفريقيا.
وعند إعلان تشكيلة المباراة، اتضح عناد بيريرا من خلال إصراره على الأسماء ذاتها التي بدأت المباراة الماضية، باستثناء إشراك حمزة صالح من البداية بدلًا من خالد مسعد، مع انتهاج الطريقة نفسها التي لعب بها أمام الدنمارك.
وما زاد الطين بلة، خروج قلب الدفاع محمد الخليوي مطرودًا في الدقيقة 19، إثر تدخل قوي على بيسنتي ليزرازو ظهير أيسر فرنسا، وبعده لم يستمر صمود الأخضر طويلًا، إذ بدأت شباكه في تلقي الأهداف بالدقيقة 37، وفي الشوط الثاني سكن مرمى محمد الدعيع ثلاثية أخرى، لتنتهي المباراة برباعية نظيفة للديوك.
إقالة
فور الهزيمة عقد الأمير فيصل بن فهد رئيس اتحاد الكرة السعودي اجتماعًا طارئًا انتهى إلى إقالة بيريرا، وتعيين المدرب الوطني محمد الخراشي بدلًا منه لقيادة المنتخب في مباراته الأخيرة أمام جنوب إفريقيا.
وقام الخراشي بتغيير الخطة من 4-5-1 إلى 4-4-2، حيث أشرك فهد المهلل إلى جانب الجابر، كما دفع بيوسف الثنيان ونواف التمياط من البداية، بدلًا من سعيد العويران وإبراهيم سويد، وكان لتغييراته أثرًا كبيرًا في تحسن أداء الأخضر، وبالتالي اقتناصه نقطة أمام جنوب إفريقيا، حفظ بها ماء وجهه قبل العودة للرياض.
قد يعجبك أيضاً



