Getty Imagesفي عالم كرة القدم، لا يكفي أن تمتلك الأسماء اللامعة أو الجماهير الغفيرة، فالمواجهات الكبرى تتوقف إلى حد بعيد على أفكار ولمسات المدربين.
والليلة يقف الإيطالي سيموني إنزاجي، مدرب الهلال، في اختبار صعب أمام الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني للأهلي، خلال كلاسيكو الجولة الثالثة من دوري روشن السعودي للمحترفين.
فلسفة جديدة وتنوع تكتيكي
جاء إنزاجي إلى الهلال بمشروع مختلف عن المعتاد، قائم على طريقة (3-5-2) التي تتحول إلى (3-4-3)، ليمنح فريقه مرونة هجومية، وقدرة على السيطرة عبر الأطراف.
هذه الفلسفة تسعى إلى جعل الهلال فريقًا مبادرًا، يهاجم من الجانبين، ويعتمد على العرضيات كسلاح أساسي. لكن مواجهة الأهلي بقيادة يايسله تمثل تحديًا من نوع خاص، لأن الفريق المنافس لا يكتفي بالأسلوب الكلاسيكي، بل يمتلك مرونة تكتيكية جعلته قادرًا على قلب موازين أي مباراة.
يايسله لا يقتصر على خطة واحدة، بل يغير طريقته تبعًا للخصم والظروف، ما يزيد من صعوبة قرارات إنزاجي، فهو يعتمد على عدة أساليب منها (4-2-3-1)، (4-3-3)، (4-4-2)، (4-1-4-1).
والمثير أن يايسله، في جميع أساليبه، يعتمد على الضغط العالي وفرض الاستحواذ، وعندما يقرر اللجوء إلى التحولات السريعة، فإن "الراقي" يظهر بأنياب حادة تمزق دفاعات الخصوم، مستفيدًا من سرعة الثلاثي الأمامي المتمثل في رياض محرز، إيفان توني، وجالينو.
مغامرة محفوفة بالمخاطر
في المقابل، يعتمد إنزاجي على الأطراف كركيزة لأسلوبه، عبر انطلاقات ثيو هيرنانديز وجواو كانسيلو أو حمد اليامي، بهدف زيادة الكثافة الهجومية وإرسال العرضيات داخل منطقة الجزاء، مستغلا وجود داروين نونيز وسافيتش.
لكن قوة الأطراف تتحول إلى خطر أمام الأهلي، إذ أن المساحات خلف الظهيرين قد يستغلها الثلاثي محرز وجالينو وتوني بسرعاتهم، ما يجعل الهلال مهددًا بضربات مرتدة قاسية، إذا لم يُحسن التمركز الدفاعي.
وبالفعل حدث ذلك خلال المواجهتين الأخيرتين ضد القادسية والدحيل، حيث استقبل الزعيم 3 أهداف من أخطاء فادحة، سواء بسبب سوء التمركز أو الفشل في إخراج الكرة.
ويزداد الأمر صعوبة مع اعتماد إنزاجي على الدفاع المتقدم والضغط العالي، وهو أسلوب يمنح الأفضلية في الاستحواذ، لكنه يفتح المجال أمام الأهلي للانطلاق إذا كسر الضغط أو استخلص الكرة.
إضافة إلى ذلك، فإن ثنائي الأهلي الدفاعي، المتمثل في روجر إيبانيز وميريح ديميرال، لديه القدرة على كسر الدفاعات المتقدمة، بإرسال تمريرات طولية قاتلة. لذلك، قد يجد إنزاجي نفسه مضطرًا للتراجع التكتيكي جزئيًا، عبر تقليل اندفاع الأطراف وانتقاء اللحظة المناسبة للضغط، حتى يحافظ على توازن فريقه، ولا يمنح الأهلي مفاتيح التفوق.
كلمة السر
يملك الهلال عناصر خبرة اعتادت على التحكم في الإيقاع، وفرض الاستحواذ في وسط الملعب، وهو ما قد يساعده على إبطاء رتم الأهلي، وكسر خطورته في التحولات. لكن في المقابل، ضخ يايسله دماء جديدة في خط وسطه، بوجوه شابة مثل إنزو ميلوت، الذي أضاف حيوية وحركة دائمة، إلى جانب قوة فرانك كيسي البدنية، علاوة على زياد الجهني.
هذا الثلاثي قادر على جعل الأهلي أكثر توازنا بين الدفاع والهجوم، بالإضافة لوجود الثنائي الجديد: فالنتين أتانجانا وجونسالفيس. والفارق الأهم بين وسط الهلال والأهلي، أن الراقي يمتلك ديناميكية وحيوية، بينما يحظى الزعيم بالخبرة والقدرة على إدارة الرتم. لذا ستكون المواجهة أقرب لمعركة شطرنج في المنتصف، فأي تمريرة أو استخلاص قد يصنع الفارق.
السيناريو الأقرب
المنطق يقول إن إنزاجي سيبدأ المباراة بحذر أكبر من المعتاد، مع محاولة فرض الاستحواذ تدريجيًا، لتقليل خطورة التحولات الأهلاوية.
في المقابل، من المرجح أن يترك يايسله الاستحواذ للهلال في بعض الفترات، مع الاعتماد على مرتدات سريعة تُرهق دفاع الخصم.



