
في عمر الثامنة والستين، ما يزال "المجنون" مارسيلو بييلسا، يواصل مشواره في عالم التدريب، حيث سيقود منتخب أوروجواي، خلال مشاركته في بطولة كوبا أمريكا 2024 التي ستقام في الولايات المتحدة.
استلم بييلسا تدريب منتخب أوروجواي عام 2023، بعد مشاركة مخيبة في نهائيات كأس العالم 2022، ومنذ ذلك الحين، أحدث المدرب الأرجنتيني ثورة على صعيد النتائج والأداء.
وسيدخل الفريق البطولة القارية، باعتباره مرشحا بارزا لإحراز اللقب.
البحث عن الإنجاز
يتطلع بييلسا إلى كوبا أمريكا بنظرة خاصة، فهي فرصة من أجل تحقيق لقب طال انتظاره، علما بأنه بدأ مسيرته في عالم التدريب عام 1990.
وكان أفضل ما حققه الفوز بذهبية أولمبياد أثينا 2004 مع المنتخب الأرجنتيني، والظفر بلقب الدوري الأرجنتيني مع نيولز أولد بويز وفيليز سارسفيلد.
واستلم بييلسا تدريب منتخب بلاده الأول بين 1998 و2004، وأعلى مكانة احتلها معه كانت وصافة كوبا أمريكا 2004.
كما أنه فوت فرصة إحراز لقب الدوري الأوروبي، عندما خسر مع أتلتيك بيلباو في النهائي أمام أتلتيكو مدريد في موسم 2011-2012.
مكانة مرموقة
رغم أن خزائنه تكاد تخلو من الألقاب، يعتبر بييلسا الملقب بـ"إل لوكو" أو المجنون، اسما جديرا بالاحترام في عالم كرة القدم، وكثير من المدربين تعلموا منه، وأبرزهم الإسباني بيب جوارديولا الذي يعتبر بييلسا الرجل الذي ألهمه لخوض تجربة التدريب.
كشف جوارديولا أنه ذهب لبيت بييلسا في نهاية مسيرته كلاعب لاستطلاع رأيه حول رغبته في دخول مجال التدريب.
وقال بيب في الفيلم الوثائقي الذي أنتجته سكاي سبورتس (إل لوكو وليدز): "لن أنسى كم كان لطيفا معي وشاركني معرفته حول كرة القدم والتدريب، حين كنت لا شيء".
وكشف صديق جوارديولا المخرج والكاتب ديفيد ترويبا الذي كان مع بيب في زيارة بيت بييلسا عام 2006 إن الحديث بينهم استمر نحو 11 ساعة حيث تكلموا في كل شيء عن كرة القدم وغيرها.
وأكد ترويبا أن هذا الحديث أثر بشدة في قناعات جوارديولا بشأن دخول مجال التدريب، وكان الأساس الذي بنى عليه مسيرته التي بدأت بعد نحو عام من هذا اللقاء بتوليه منصب المدير الفني للفريق الثاني في برشلونة.
واشتهر بييلسا خلال مسيرته التدريبية، بأفكار تكتيكية مبتكرة، من أشهرها اللجوء إلى خطة اللعب الفريدة 3-3-3-1.
وكان بييلسا أول من اعتمد دخول أحد لاعبي الخط الخلفي إلى وسط الملعب لزيادة الكثافة العددية في هذه المنطقة عند امتلاك الكرة، تماما كما يفعل جوارديولا مع جون ستونز في مانشستر سيتي، وكما فعل يورجن كلوب مع ترينت ألكسندر أرنولد في ليفربول.
كما تعلم كثير من المدربين الأرجنتينيين وغيرهم من مراقبة بييلسا، مثل زين الدين زيدان، وماوريسيو بوكيتينو ومارسيلو جاياردو وجيراردو "تاتا" مارتينو ودييجو سيميوني، علما بأن بييلسا نفسه كان شديد التأثر بمدرسة المدرب الأرجنتيني الراحل لويس سيزار مينوتي.
حلم الأوروجواي
في كوبا أمريكا بعد أيام، سيأمل بييلسا في قيادة منتخب أوروجواي لإحراز لقبه الأول في البطولة منذ عام 2011، عندما أحرز اللقب بقيادة المدرب الشهير أوسكار تاباريز.
ورغم مكانة بييلسا المرموقة، لكن تعيينه في البداية لم يلق تأييدا مطلقا، نظرا لأن منتخب أوروجواي اعتاد دائما المدرسة المحلية في قيادة المنتخب.
ويعد بييلسا ثاني مدرب أجنبي فقط يستلم تدريب أوروجواي بعد مواطنه دانييل باساريلا.
لكن النتائج غيرت قناعة الجمهور الأوروجواياني، حيث لعب المنتخب الأزرق السماوي تحت قيادة بييلسا 12 مباراة حتى الآن، فاز في 7 مقابل 3 تعادلات وخسارتين فقط.
وكان لافتا تحقيق منتخب أوروجواي الفوز على المنتخب البرازيلي 2-0 في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، خلال تصفيات كأس العالم 2026.
وفي الشهر التالي، تفوق أيضا على المنتخب الأرجنتيني في بوينوس أيرس بالنتيجة ذاتها، مما يشير إلى تغيير في النهج منذ استلام بييلسا تدريب "لا سيليست"، واعتماده على مجموعة من اللاعبين المتعطشين لتحقيق النجاح الدولي، وعلى رأسهم الثلاثي رونالد أرواخو وفيدي فالفيردي ومانويل أوجارتي ورودريجو بنتانكور وداروين نونيز.
ووقعت أوروجواي في مجموعة تضم كلا من بنما وبوليفيا، إلى جانب المضيفة الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى الأسماء الموجودة في الفريق التي تم تطعيمها بأصحاب الخبرة مثل لويس سواريز وخوسيه خيمينيز، يستطيع بييلسا النظر إلى النهائيات القارية بإيجابية، لعله يحصد مكافأة مجزية بالظفر بأول لقب كبير في مسيرته العامرة بالأفكار، الفقيرة في الإنجازات.



