
يعد المعلق والمحاور السوري، أيمن جادة، من أبرز الشخصيات الإعلامية على المستوى الرياضي في العالم العربي، بالنظر لما حظي به من مسيرة مهنية مميزة.
وخلال حوار خاص مع "كووورة"، عبر جادة عن استيائه من الوضع الذي يعيشه التعليق الرياضي العربي حاليا، حيث وجه العديد من الانتقادات، كاشفًا عن أهم الصفات الواجب توافرها في المعلق، من وجهة نظره.
وجاء نص الحوار كالتالي:
- كيف ترى التعليق العربي حاليًا؟
مع الأسف، التعليق العربي يعيش أكثر من أزمة، فهناك موجة الصراخ والصوت العالي طوال المباريات، وهناك كثرة الكلام بلا توقف، إلى جانب شيوع المفردات العامية والأجنبية.. كما يغيب الحياد المطلوب في مباريات معينة، إلى جانب قلة ظهور المواهب الشابة.
- هل يكفي أن يكون المعلق نجمًا كرويًا سابقًا؟
حتى يعلق لا، ليس شرطا، ولكن حتى يحلل نعم.. فالتحليل الفني يتطلب أن يكون المتحدث قد مارس اللعبة، لاعبا أو مدربا أو كلاهما، لكي يكون مؤهلا لأن يتحدث عن التكنيك والتكتيك.
كما أن محلل التحكيم، يجب أن يكون حكما دوليا سابقا صاحب خبرة كبيرة.
- ما المواصفات المطلوبة في المعلق الرياضي؟
أن يكون عميق المعرفة بكرة القدم، ويُفضل أن يكون قد مارسها على مستوى جيد، وأن يعرف قوانين اللعبة وخططها ومهاراتها، وحتى إصاباتها، وأن يكون صاحب صوت مناسب، ويتمتع بلغة عربية ومخارج حروف سليمة.
كما يجب أن يمتلك ذخيرة كبيرة من المفردات والمصطلحات، ويجيد استخدامها بطريقة صحيحة وفي الوقت المناسب، وأن يجيد لغة أجنبية واحدة على الأقل، وأن يكون صاحب ثقافة رياضية واسعة، إلى جانب ثقافة عامة موسوعية، وأن يكون ذكيا سريع البديهة، وقادرا على نقل الأحداث بموضوعية للمشاهدين أو المستمعين.
ويتوجب أيضا على المعلق أن يكون متابعا للأخبار، ومشاهدا جيدا للمباريات، وأن يقوم بالتحضير الجيد للقاء قبل التعليق عليه.
- ما كلمة السر وراء تألقك؟
الاجتهاد، وهو شخصي، والقبول.. في الماضي، قبل الإنترنت ووسائل التواصل والهواتف النقالة، وكل هذه التقنيات المعاصرة، كنت أحرص على اقتناء ومتابعة كل الصحف والمجلات الرياضية العربية، وبعض الأجنبية.
كما كنت أستمع يوميا لجولة الرياضة العالمية، وكنت أحيانا أسافر من دمشق إلى حلب، لمشاهدة مباراة في دوري الأبطال عبر التلفزيون، حيث كان يمكن التقاط محطات بعض الدول الأوروبية القريبة هناك.. باختصار، لكي تنجح يجب أن تتعب.
- كيف ترى التعليق الرياضي في سوريا، وماذا ينقصه؟
لأكون أمينا، لا أعرف الكثير عن التعليق الرياضي في سوريا حاليا، لأنني عندما أشاهد مباريات المنتخب، تكون منقولة عبر قنوات مثل "بي إن سبورتس".
- هل أنت مع التعليق الحماسي أم الهادئ؟
مع الاثنين، كلٌ في مكانه.. أنا مع التعليق الصادق والتلقائي، ولست مع التصنع.. لذا لا أذيع سرا إذا قلت إنني في بيتي، عندما أشاهد مباريات كرة القدم، أتابعها بالتعليق الإنجليزي، رغم تعصبي الشديد للغة العربية.
فالمعلق الإنجليزي، إن لم يقدم لي الإضافة المفيدة، فهو على الأقل لن يزعجني أو يسبب لي الصداع.. بينما معظم المعلقين العرب على العكس تماما، مع الأسف.
- من هو خليفة أيمن جادة؟
لا أحد يخلف أحدا، أما إذا كان يقلده فهذا لن ينجح.
أتذكر أن مذيعا شابا قال لي ذات مرة: "سأكون أيمن جادة رقم 2".. فقلت له "الأفضل أن تكون نفسك رقم 1"، وهذا شرط أساسي للنجاح والتألق، أن تكون النسخة الأولى من نفسك، وليس النسخة الثانية من أي أحدٍ كان.
- من الشخص الذي استمتعت بمحاورته لدرجة كبيرة؟
الحقيقة هناك أكثر من شخصية عربية وأجنبية استمتعت بالحوار معها.. أذكر مثلا المعلق المصري الشهير، محمد لطيف، ورئيس وزراء تونس الأسبق وعضو اللجنة الأولمبية الدولية، محمد مزالي، المثقف بطريقة مدهشة، رحمهما الله.
كما استمتعت أيضا بلقاء القيصر الألماني، فرانتس بيكنباور، والمدرب الإيطالي أريجو ساكي، والمدرب الفرنسي إيميه جاكيه، والمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، والمدرب الفرنسي آرسين فينجر، والمدرب الإنجليزي تيري فينابلز، والنجم الإنجليزي كيفن كيجان، والنجم الهولندي رود خوليت، وغيرهم.
- هل كان للراحل عدنان بوظو علاقة برحيلك عن سوريا؟
الحقيقة لم تكن له علاقة بمغادرتي، على عكس ما يعتقد الكثيرون، ربما بسبب بعض الخلافات في وجهات النظر بيننا.. لقد كان أستاذا كبيرا في الإعلام الرياضي، تقديما وتعليقا وكتابة، وكان قدوة وصاحب فضل لا ينكره إلا جاحد.
الحقيقة أنه طلب مني في عام 1995، عندما كنت في إجازة بدمشق، أن أعلق معه على مباراة للمنتخب، لكن إجازتي كانت في نهايتها، ولم أستطع تلبية دعوته.
وكنت قبلها بسنوات قد استضفته في تلفزيون قطر، على هامش كأس آسيا.. لكن سفري كان بحثا عن فرصة للتطور، والعمل في بيئة أقرب للرياضة العالمية، والأحداث الرياضية الكبرى.. وقد كان، مما ساعد على صقلي وتطوير تجربتي.
- تراجع التعليق باللغة العربية الفصحى لحساب اللهجات المغاربية، هل هو سبب ابتعادك عن التعليق؟
لا، فأنا لم أكن لأغير أسلوبي أو لغة تعليقي التي اشتهرت بها.. لكن لا بد من الاعتراف بأن الجمع بين التقديم والتعليق أمر مرهق، وبعد أكثر من 3 عقود من التعليق، كان لا بد أن أكتفي وأتفرغ للتقديم، لأنه بصراحة أقل مجهودا.
- كيف ستكون تغطية مونديال قطر 2022؟
استضافة كأس العالم في بلد عربي، حدث تاريخي فريد في حد ذاته، ومن المنتظر أن تكون بطولة مميزة من جميع الأوجه، وهذا يشمل التغطية الإعلامية، التي ستكون متطورة وعلى مدار الساعة، بصورة غير مسبوقة.
وعلى المستوى الشخصي، أتمنى أن تمثل هذه البطولة ذروة مسيرتي المهنية.
قد يعجبك أيضاً



