إعلان
إعلان

"الوعي الفكري" بين سؤال سولفيغ وإجابة حبيب

ريان الجدعاني
07 ديسمبر 201817:19
riyan

استحق هذا الأسبوع أن يسمى بأسبوع "الوعي الفكري" والذي بدأ في التشكل تدريجياً، أقصد بالوعي الذي يحاول جاهداً انتشال الرياضة من المفهوم الضيق المعتمد على الفوز والخسارة، ونقلها إلى رحاب أوسع يؤمن بأحترام الإنسان أولاً، لتكون الرياضة بشكلها الجديد صديقة للمجتمع والمرأة والثقافة والوطن.

كانت الجائزة الذهبية والذي أقيم حفلها السنوي في العاصمة الفرنسية باريس بداية معركة الوعي الفكري والتي انتهت بسقوط مريع للمذيع الفرنسي مارتن سولفيغ، مقدم الحفل، بعد أن طرح سؤالاً مقرفاً تجاه المهاجمة النرويجية آدا هيجيربيرج، والتي نالت شرف أول امرأة تفوز بجائزة الكرة الذهبية.

"هل تجيدين رقصة التويرك؟"!

كان هذا السؤال المقرف كافياً في تلقي الفرنسي سولفيغ عاصفة من الانتقادات الحادة في ساحة وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيق تويتر، والتي تحولت إلى قاعة محكمة افتراضية لمحاكمة المذنبين في قضية (التمييز ضد المرأة)، لتجبر تلك المحاكمة المذيع الفرنسي على الاعتذار علناً عبر نشره مقطع فيديو في تويتر يبرر فيه عن نيته المزاح مع النرويجية هيجيربيرج، إلا أن ضعف معرفته باللغة الانجليزية خانه التعبير، مع ادعائه بعدم معرفته بطبيعة رقصة "التويرك" التي تحظى بالسمعة الرديئة.

إلا أن المحكمة الافتراضية استمرت في مقاضاة سولفيغ، لأن قاضية المحكمة الافتراضية وهي أسطورة كرة القدم الأمريكية المعتزلة، آبي وامباخ، رفضت تبريره السطحي بحسب وصفها، عندما أكدت بالقول: "من المؤسف حقاً أنك تعتبر سؤالك مجرد مزحة!، وهنا أصل المشكلة!!".

بعدها بأيام قليلة انتقلت معركة الوعي بمجال الرياضة من العاصمة الفرنسية باريس إلى العاصمة السعودية الرياض، وكان بطلها المقاتل الروسي الشهير حبيب نورمحمدوف، والذي تم استضافته في لقاء جماهيري مفتوح من أجل الإشادة بإنجازه العالمي.

فقد طرحت فتاة من الجمهور سؤال للمقاتل الروسي عن كيفية دعم الفتيات الراغبات في احتراف رياضة القتال، لتتلقى الفتاة وأيضاً المجتمع الرياضي إجابة صادمة من حبيب والذي أكتفى بالقول: "عليها أن تقاتل في بيتها!".

لم يتوقع حبيب أن تتعرض سمعته الرياضية إلى النسف والتدمير في المحكمة الافتراضية "تويتر" والتي لم ترحمه كما لم ترحم الفرنسي سولفيغ، لتكشف إجابة حبيب وقبلها سؤال سولفيغ أن الجماهير الرياضية من أوروبا إلى الشرق الأوسط تغيرت كلياً، ولم تعد تلك الجماهير التي تقدس المشاهير وتجامل هفواتهم.

وأيضاً كشفت إجابة حبيب وسؤال سولفيغ أن العنصر النسائي أصبح لهن ثقل حقيقي في الساحة الرياضية، الثقل المرعب الذي سيجبر المشاهير على التفكير مليون مرة قبل التفوه بأي سؤال أو جواب، لنكون أمام مرحلة جديدة في مجال الرياضة.

مرحلة جديدة ستجبر الأندية والاتحادات والمؤسسات الرياضية على تدريب لاعبيها فكرياً وثقافياً أولاً، قبل تدريبهم فنياً، لأن ارتكاب الهفوات الفكرية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والتمييز قد تكون أخطر بكثير من التعرض لإصابة الرباط الصليبي، لأن المصاب يمكن له العودة للملاعب بعد 6 أشهر من العلاج المكثف، بعكس الإصابة "الفكرية" والتي قد تنهي مشوار رياضي بعد التفوه بسؤال مقزز أو بإجابة متخلفة.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان