دائما ما تحتوي المحافل الكروية الكبيرة - ككأس الأمم الأوروبية
دائما ما تحتوي المحافل الكروية الكبيرة - ككأس الأمم الأوروبية – على مباريات مليئة بالحماس وشغف كرة القدم منذ بدايتها وحتى نهايتها، هذا الشغف يمهد المشجعين لمتابعة مثل هذه الأعراس الكروية الكبيرة. وقد حلم الجميع بنهائي رائع بين إسبانيا وإيطاليا في نهائي كأس الأمم الأوروبية وهو ما قدمه لنا الفريقان، ولم يخيبا آمال عشاق كرة القدم.
لقد قامت أسبانيا - التي برزت كنسيم عليل قد يكون مؤثرا في تغيير التاريخ – بتحويل أرضية ملعب المباراة التي بدت كساحة قتال إلى ورشة ملئية بالحرفيين والفنانين.
هذا النسيم تحول إلى إعصار من اللعب الجيد بداية من فريق برشلونة ونجاحاته الفردية واستمرارا مع المنتخب الإسباني وهو ما أبرز لنا في النهاية فرحة حقيقية. وبات من الممكن أن تحقق الفوز وان تكن الاحترام لمنافسك، وللملعب، وللجماهير، وتعود إلى ديارك بشرف وأنت مرفوع رأس حتى لو لم تتوج بطلا.
ويعد محاولة الجمع بين تحقيق نتيجة إيجابية وبين اللعب بطريقة جمالية وممتعة هو نتاج وثمرة المعرفة والإلمام بلعبة كرة القدم، بالإضافة إلى الإدارك أنه يجب أن تنمو كرة القدم كلعبة ممتعة أولا قبل أن تدخل عالم التجارة الكبير. وعند القيام بأي عمل، يتم الاخذ في الاعتبار امكانية وجود الفرص والحظ وهو ما يحصل دائما.
ما شهده المنتخب الأسباني (من تطور) بالإضافة إلى المنتخب الألماني بل وحتى الإيطالي هو أمر كبير حيث فتحت ملائكة الإبداع والإلهام ذراعيها للفرق التي تستحق ذلك. لقد سعينا كثيرا وراء الكرة الجميلة في أمريكا الجنوبية لكننا لم نجد هذا الإلهام منذ سنين عدة حتى الآن.
لكن أسبانيا لم تفزع الملائكة عن بعضها البعض، بل جمعت بينهم، الفوز وإحراز الأهداف وتقديم أداء ممتع وكرة جميلة. إنهم أبطال حقيقيون وبجدارة، طبقوا سياستهم التي اختاروها وحققوا فوزا مهيمناً.
ومرة أخرى، ما فعله تشابي الونسو وتشافي هيرنانديز يعد أمرا مذهلا. وأخص بالذكر تشافي هيرنانديز فهو لا يتحكم في الكرة ببراعة فحسب، بل أيضا يمرر بدقة شديدة ليتحول إلى القلب النابض الوسط في المنتخب الأسباني كما هو الحال مع فريق برشلونة.
لعب سيلفا في المنتخب الأسباني في مركز ميسي في برشلونة، وتبادل كل من انييساتا وفابريجاس - كلاهما قدم أداء رائعا - المراكز واستحوذا على الكرة بطريقة كبيرة عن طريق التحركات الذكية. تكفل بوسكيتس في استرجاع الكرة للمنتخب الأسباني. على الجانب الآخر، حارب الطليان كالأبطال ولم يستسلموا وحاولوا الوقوف بنظام وصلابة لكنهم سمحوا بفتح الملعب في النهاية ولم ينجحوا في إغلاق المساحات في وجه منافسهم، وبدى أن الأمر بات مستحيلا لإيقاف أسبانيا بعدما خسرت إيطاليا موتا ولعبوا بعشرة لاعبين، حينها استغل تشافي الموقف وانتزع السيطرة من بيرلو ليتحكم في المباراة كيف يشاء.
صحيح أن الجميع كان يحترم أسبانيا منذ سنوات لكن كانت هناك اتهامات للماتادور بأنه يلعب كرة مملة لعدم قدرته في إحراز الأهداف وعدم فعاليته في الفوز بالمباريات واكتفائه بأنه يقدم كرة تقليدية.
لكن الآن نقول شكرا أسبانيا لأنك قدمت لنا مثل هذا النوع من كرة القدم. هذا الفريق مكانه كتب التاريخ حيث حققوا كل شيء في 90 دقيقة تضمنت الحماس والجمال والنبل وشرف الأبطال العظام.