
"العنصرية ليست مجرد كراهية فقط، بل أنه في أغلب الأحيان يؤدي إلى تعاطف واسع تجاه البعض وشكوك أوسع تجاه الآخرين".
تذكرت مقولة الروائي الأمريكي، تا نيهيشي كواتيس، بعد أن شاهدت الفرحة الجنونية والعاطفية للمهاجم البرازيلي الأسمر رافائيل سيلفا، بعد تسجيله الهدف الحاسم بمرمى فريق الهلال السعودي، ليهدي لقب دوري أبطال آسيا 2017 لفريقه أوراوا ريدز الياباني، ففرحته الجنونية تحمل قصة مؤثرة تستحق أن تُروى من أجل الاستفادة من دروسها.
في لقاء الذهاب من نهائي البطولة الآسيوية، في 18 نوفمبر الحالي، تعرض المهاجم رافائيل لحملة عنصرية مقززة في حسابه الشخصي بموقع (انستغرام) من بعض جماهير نادي الهلال السعودي الذين "للأسف" سخروا من لون بشرته عبر وضع إيقونة حيوان القرد وفاكهة الموزة، لتصدر إدارة فريق أوراوا ريدز الياباني بياناً رسمياً تنتقد عنصرية جماهير الخصم مع تأكيدها على مخاطبة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بهذه الحادثة الشنيعة.
أما عن المهاجم الأسمر رافائيل، فأنه أكتفى بالرد عبر صحيفة "سبونيتشي آنيكس" اليابانية بالقول: " حزين للغاية بسبب انتشار العنصرية على مستوى العالم، أنا فخور بلون بشرتي، لا أحد يستطيع منعي من الافتخار بلوني".
من المؤسف أن تنزل جماهيرنا العربية إلى هذا المستوى والذي يشوه سمعة أوطانهم، والمؤسف حقاً أن الإعلام العربي لا يتعامل بجدية لمكافحة آفة العنصرية التي بدأت بالانتشار كالنار في الهشيم بمدرجات الملاعب العربية، والأكثر حزناً أن الاتحادات الكروية في البلدان العربية والهيئات الرياضية الحكومية لم تتعامل مع هذه الآفة بقوة كما تتعامل مع الأخطاء التحكيمية!
فقضية البرازيلي سيلفا لا تعتبر الأولى في الملاعب العربية، فقد سبق أن أشتكى أكثر من لاعب أسمر من عنصرية جماهير عدة أندية عربية وسط غياب تام من الإعلام العربي الذي انشغل في تسليط الضوء على عنصرية جماهير الأندية الأوروبية تجاه اللاعبين ذو البشرة السمراء، دون أن يجرؤ الإعلام على كتابة حرف واحد على جماهير الأندية العربية، ليشكلوا تناقضاً واضحاً في رابعة النهار.
في نهاية قصة الأسمر سيلفا، وبعد تسجيله هدف الفوز والانتقام، قرر اللاعب تناول فاكهة الموز مع زملائه في غرفة تغيير الملابس مع الكأس الآسيوية، حيث قام بتصوير نفسه بهذه الوضعية ليوجه رسالة للعنصريين الذين هاجموا حسابه الشخصي، كأن لسان حاله يقول.. (العنصرية لا تصنع الإنجازات).
درس سيلفا يجب أن يكون ماثلاً أمامنا لكي نعلم الأجيال المقبلة، نعلم أبنائنا وبناتنا بأن العنصرية لا تصنع الأوطان ولا تحقق الإنجازات ولا حتى تكسب احترام الآخرين، بل الوطنية الحقيقية هي أن تجعل الآخر يحب وطنك بأخلاقك وثقافتك وعلمك.
ختاماً، مبروك لسيلفا ورفاقه على اللقب الآسيوي، وحظ أوفر لممثل الوطن الهلال في المسابقات المقبلة.
قد يعجبك أيضاً





