
لدى الكرة الجزائرية أحداث وإنجازات وفيرة تزهو بها على كل الأصعدة.. وأبرزها على الإطلاق الفوز التاريخي على منتخب ألمانيا الغربية في نهائيات كأس العالم 1982 في اسبانيا.. وبينها التأهل أربع مرات إلى المونديال عبر أعوام 1982 و1986 و2010 و2014.. ولا ينسى أحد التتويج الفريد بكأس الأمم الإفريقية 1990 على أرض الجزائر.. وتحمل الأندية الجزائرية رصيدا ذاخرا من الألقاب على الصعيد الإفريقي بداية بمولودية الجزائر عام 1976 ونهاية بالنسر الأسود وفاق سطيف قبل أسابيع قليلة.
حرصت على التنقيب في تاريخ كرة القدم الجزائرية بدقة وعمق عسى أن أجد عاما يزيد في انجازاته عن عام 2014 فلم أجد.. ولكن المثل العربي أو المصري الدارج يقول "الحلو ما يكملش!" فشهد العام أكبر فاجعة في تاريخ الكرة الجزائرية أيضا بمصرع اللاعب الكاميروني ألبرت أيبوسي من شغب جماهيري مؤسف.. وتبعته عقوبات عنيفة من كل الأطراف على نادي شبيبة القبائل.
نعود إلى الجانب المضيء لكرة القدم الجزائرية في عام 2014 الذي يسدل ستائره بعد ساعات لنستقبل عاما جديدا نتمنى أن يكون أفضل على الأمة الإسلامية والعربية وعلى الجزائر على كل الأصعدة.
ذروة النجاح للكرة الجزائرية في 2014 كانت عبور المنتخب الدور الأول في نهائيات كأس العالم في البرازيل للمرة الأولى في تاريخ الخضر بعد ثلاث مشاركات سابقة أجهضت خلالها المحاولات باستمرار عند حاجز الدور الأول.. وقيمة التأهل تزداد لأنها جاءت على حساب منتخبين كبيرين أولهما منتخب روسيا أكبر دول العالم في المساحة وبين الخمسة الكبار عالميا في التعداد والاقتصاد.. ولها تواجد مكثف في المونديال وتملك من الإمكانات البشرية والتقنية والبنية التحتية الرياضية أكثر مما تمتلك كل الدول العربية مجتمعة.. أما منتخب كوريا الجنوبية رابع المونديال 2002 فهو ضيف دائم لا ينقطع عن النهائيات عبر ثماني دورات متتالية (ما لم يحققه أي منتخب إفريقي على الإطلاق)..وهي أيضا من أقوى وأغنى دول العالم اقتصاديا في العقد الأخير.
عبور الدور الأول كان انجازا لكن الفوز الرباعي على منتخب كوريا الجنوبية 4-2 كان حديث المونديال ليس لأنه من الانتصارات الكبرى المعدودة في نهائيات 2010 فحسب.. بل لأنه شهد شوطا أسطوريا على صعيد فنون اللعبة والأداء الجماعي والأهداف الجميلة المرسومة بريشة مدرب ولاعبين.. ومنح الفوز الرباعي للخضر رقما قياسيا تاريخيا بين فرق القارة السمراء التي لم يتمكن أحدا من الوصول إلى سقف أربعة أهداف في أي مباراة عبر كل المونديالات السابقة.. وامتاز منتخب الجزائر المتطور خلال الدور الأول بظاهرة وهي تحسن مستواه من مباراة إلى أخرى، ولولا أن القرعة أوقعته في مواجهة أقوى منتخبات المونديال، وهو المنتخب الألماني الذي توج لاحقا باللقب بجدارة لكان للخضر قدم في ربع النهائي على الأقل.. وترك مجيد بوڤرة وزملاؤه أرض البرازيل ورؤوسهم مرفوعة وأعلام الجزائر خفاقة.
والكتيبة الرائعة التي حققت هذا المجد للكرة الجزائرية شملت 23 اسما لا يمكن تجاوزهم أبدا مع نهاية العام السعيد.. كابتن الفريق مجيد بوڤرة والحراس رايس مبولحي ومحمد زماموش أمين وسيدريك سي محمد والنجوم رفيق حليش وياسين براهيمي وسفيان فيغولي وإسلام سليماني وعبدالمؤمن جابو وكارل مجاني وجمال مصباح وفوزي غولام وسعيد بلكالام وحسن يبدة وسفير تايدر ونبيل بن طالب والعربي هلال سوداني ورياض محرز ونبيل غيلاس ولحسن مهدي وعيسى ماندي ولياسين كادامورو ومهدي مصطفى..ومعهم المدير الفني البوسني وحيد خاليلوزيتش.
ولا نغلق ملف المونديال إلا بذكر الحكم الدولي جمال حيمودي الذي واكب المستوى العالي لبلاده باختياره للبقاء مع حكام الصفوة حتى نهائي الدورة.. وأسندت له إدارة مباراة تحديد المركز الثالث لمنتخبي البرازيل وهولندا.. وخلالها أعطى انطباعا جيدا عن شجاعة وشخصية الجزائري بطرد لاعب برازيلي باكرا واحتساب ركلة جزاء للضيوف.
ولم ينته العام 2014 إلا والكرة الجزائرية عائدة مجددا إلى أعلى منصات التتويج بفوز فريد وغير مسبوق بلقب دوري الأبطال بنظامه الجديد، بعد أن استعصى على الأندية الجزائرية منذ نهاية التسعينات.. وكشر وفاق سطيف من الأدوار الأولى عن أنيابه بسلسلة من النتائج الكبيرة، مجتازا العقبة تلو الأخرى.. وعبر الجيران الثلاثة الترجي والصفاقسي التونسيين وأهلي بنغازي الليبي إلى نصف النهائي قبل أن يجهز على فارسي الكونغو الكبيرين مازيمبي الرهيب وفيتا كلوب.. ومنحه اللقب الفرصة للتواجد الجزائري الأول في نهائيات كأس أندية العالم في المغرب، حيث اكتفى بالمركز الخامس في مشاركته الأولى.
مسك الختام للعام الرائع هو القدر الكبير من التقدير الذي نالته الكرة الجزائرية في الاستفتاءات القارية والعربية.
** نقلا عن صحيفة الشروق الجزائرية
قد يعجبك أيضاً



