
حقق المنتخب الجزائري فوزا كبيرا على نظيره الصومالي بنتيجة (3-0)، على ملعب "ميلود هدفي" في وهران، اليوم الخميس، ليعيش أنصار "الخضر" ليلة لا تُنسى من الفرح والاحتفال، بعدما ضمن المنتخب التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026 رسميًا، للمرة الخامسة في تاريخه، في إنجاز جديد يعيد الجزائر إلى الواجهة الكروية العالمية، بعد غياب دام 12 عامًا، منذ مشاركتها الأخيرة في مونديال البرازيل 2014.
جاء التأهل بفضل تصدر منتخب الجزائر مجموعته، برصيد 22 نقطة بعد 9 مباريات، حقق خلالها 7 انتصارات وتعادلا واحدا وهزيمة واحدة، متقدما بفارق مريح عن أوغندا وموزمبيق، اللتين جمعتا 16 نقطة لكل منهما، ليؤكد "محاربو الصحراء" تفوقهم المطلق في التصفيات.
ودخل المنتخب الجزائري اللقاء بتشكيل مكون من:
ألكسيس قندوز في حراسة المرمى، وأمامه ماندي، بن سبعيني، رفيق بلغالي، وجوان حجام في الدفاع، بينما تولى بن طالب، هشام بوداوي، وعمورة مهام الوسط، وفي الهجوم تواجد الثلاثي رياض محرز، فارس شعيبي، وبغداد بونجاح.
بدأت المباراة بضغط هجومي مكثف من المنتخب الجزائري، فلم تمر سوى ست دقائق حتى افتتح محمد الأمين عمورة التسجيل، بعد هجمة منظمة أنهى بها الكرة في الشباك، مشعلاً حماس الجماهير في المدرجات.
وفي الدقيقة 19، أضاف رياض محرز الهدف الثاني بتسديدة متقنة، بعد مجهود فردي رائع، ليحسم عملياً مصير المباراة مبكراً.
استمرت السيطرة الجزائرية على مجريات اللقاء، وكاد رامي بن سبعيني أن يضيف هدفاً ثالثاً بضربة رأسية قوية، تصدى لها حارس الصومال ببراعة في الدقيقة 26.
وواصل محرز إزعاج الدفاع الصومالي بتحركاته وتمريراته الذكية، لينتهي الشوط الأول بتقدم الجزائر بهدفين دون رد.
مع بداية الشوط الثاني، واصل "الخضر" ضغطهم بحثاً عن تأمين النتيجة، وجاء الهدف الثالث في الدقيقة 57 بعدما ارتقى محمد الأمين عمورة برأسه، ليضع الكرة في المرمى إثر عرضية نموذجية من محرز، مؤكداً تفوق الجزائر المطلق.
تبديلات
أجرى مدرب منتخب الجزائر، فلاديمير بيتكوفيتش، تبديلات منحت الفرصة لعدد من اللاعبين، فشارك يوسف بلايلي بدلاً من نبيل بن طالب، ودخل إبراهيم مازاري بدلاً من صاحب الهدفين عمورة، كما خرج محرز ليدخل أنيس حاج موسى، ودخل أمين غويري مكان بغداد بونجاح.
واستمر نسق المباراة في اتجاه واحد نحو المرمى الصومالي، وسط غياب تام للمنافس الذي اكتفى بالدفاع، بينما حاول البدلاء الجزائريون إضافة أهداف أخرى، خاصة بلايلي الذي أطلق تسديدة قوية في الدقيقة 64، اصطدمت بالدفاع وتحولت إلى ركنية.
وبعد سلسلة تبديلات من الجانبين، انتهت المواجهة بثلاثية نظيفة أكدت جاهزية الجزائر للمحفل العالمي المقبل، وكرّست تفوقها في المجموعة أداءً ونتيجة.
هذا الفوز لم يكن مجرد تأهل رقمي، بل رسالة واضحة بأن المنتخب الجزائري استعاد شخصيته القوية وفعاليته الهجومية وتوازنه الدفاعي، بفضل العمل الفني المستقر والانسجام بين عناصر الخبرة والشباب.
المنتخب الجزائري يدخل الآن مرحلة جديدة من التحضير لمونديال 2026، وسط طموحات كبيرة لتكرار الإنجاز التاريخي في 2014 عندما بلغ دور الـ16، مع تطلع الجماهير إلى رؤية فريقها ينافس الكبار على الساحة العالمية.
الفرحة لم تقتصر على مدرجات ملعب وهران، بل عمّت شوارع المدن الجزائرية، حيث خرجت الجماهير في مواكب احتفالية كبيرة، وشاركت الصفحة الرسمية للمنتخب هذه اللحظة التاريخية بعبارة موجزة، لكنها مليئة بالعاطفة والفخر: "هيا بنا إلى المونديال".
تاريخ عريق
يُعدّ المنتخب الجزائري واحداً من أبرز المنتخبات العربية والإفريقية، التي تركت بصمة مميزة في تاريخ كرة القدم العالمية، بفضل مسيرته الحافلة بالإنجازات والعروض القوية في مختلف البطولات، وعلى رأسها كأس العالم.
تأسس الاتحاد الجزائري لكرة القدم عام 1962 بعد الاستقلال مباشرةً، وسرعان ما أصبح المنتخب الوطني رمزاً للفخر الوطني، ووحدة الجزائريين داخل وخارج البلاد.
بدأت رحلة الجزائر في تصفيات كأس العالم مبكراً، لكن المشاركة الأولى في النهائيات جاءت عام 1982 في إسبانيا، وكانت تاريخية بكل المقاييس.
ففي تلك النسخة، قدّم "محاربو الصحراء" واحدة من أروع المفاجآت، عندما فازوا على ألمانيا الغربية 2-1 في مباراة خالدة.
ورغم الفوز التاريخي، خرج المنتخب من الدور الأول بطريقة مؤلمة، بسبب ما عُرف لاحقاً بـ"فضيحة خيخون"، بعد تواطؤ ألمانيا والنمسا في نتيجة مباراتهما.
عاد المنتخب الجزائري للمشاركة مجددًا في مونديال 1986 بالمكسيك، لكنه لم ينجح في تجاوز الدور الأول، قبل أن يغيب لفترة طويلة عن الساحة العالمية.
وفي عام 2010، وبعد 24 عاماً من الغياب، نجح "الخضر" في العودة إلى المونديال في جنوب إفريقيا، حيث قدّموا أداءً دفاعياً قوياً رغم خروجهم من الدور الأول.
وجاءت المشاركة الأبرز في مونديال البرازيل 2014، عندما كتب المنتخب الجزائري تاريخاً جديداً، ببلوغه ثمن النهائي لأول مرة في تاريخه.
لكن الجزائر ودعت المونديال من دور الـ16، بعد أداء رائع أمام ألمانيا، بطل تلك النسخة، في مباراة انتهت بصعوبة لصالح الألمان بنتيجة 2-1 بعد وقت إضافي، ونالت إشادة واسعة عالمياً.
وإلى جانب حضوره في المونديال، يُعد المنتخب الجزائري من أنجح المنتخبات الإفريقية والعربية، إذ توّج بكأس الأمم الإفريقية مرتين، عامي 1990 و2019.
قد يعجبك أيضاً



