
لا أعرف منتخباً دخل بطولة محمولاً على هودج، وفسح له المتنافسون الطريق ليعتلي منصة التتويج، ويترك ما بقي من مراتب الشرف للآخرين.
تدخل منتخبات بعينها في ثوب المرشح الأقوى للمنافسة على اللقب، عطفاً على المرجعيات التاريخية والإنجازات، ولكن لا شيء من ذلك على الإطلاق يمنح لأي منها اللقب، فالماء والهواء وإكسير الحياة، والفرح موجود في المباريات، فوق عشب الملاعب، ومن يتهيب صعود جبال البطولات الشاهقة، لن يعرف إلى القمة طريقاً، ويعيش دوماً بين الحفر.
من منا يستطيع أن يثبت، لا أن يتنبأ، من سيكون بطلاً لـ «النسخة 18» لكأس أمم آسيا التي تنطلق غداً في قطر؟
لا أحد على الإطلاق، لأن الحقيقة الوحيدة التي ترسم لنا الطريق، وتخبرنا من سيكون البطل، هي حقيقة الميدان، وما أكثر ما فاجأنا الميدان، ومنتخبات مرشحة بامتياز لتصدر المشهد تتهاوى من أول الأدوار، وأخرى لم يراهن عليها، قلبت التوقعات واعتلت القمة.
وهذا الميدان، هو ما نحتكم له يوم الأحد المقبل، عندما يستهل «الأبيض» الإماراتي سفره في كأس الأمم الآسيوية، لنتعرف على حقيقة النوايا ولنقيس سقف الطموحات لدى لاعبي «الأبيض»، وهم يقبلون على استحقاق كروي قاري، أظهرت أغلب الوديات بمعزل عن نتائجها الرقمية، أنهم تهيأوا له بطريقة مثالية.
صحيح أن المنتخب الإماراتي يقبل على هذه البطولة القارية، وهو في خانة المنتخبات التي لم يحالفها الحظ بالظفر ولو بلقب واحد، بعد أن عانده الحظ في «نسخة 1996»، عندما خسر النهائي أمام «الأخضر» السعودي، وهو أيضاً مصنف ضمن المنتخبات التي ستكون لها الكأس الآسيوية محكاً لاختبار البنية البشرية الجديدة والمتجددة، إلا أن لا أحد يمكن أن يصادر حلم «الأبيض» في جعل «نسخة قطر»، استثنائية وتاريخية.
ولأن من رحم البطولات تولد الأحلام ويولد الأبطال، وتولد أيضاً أجيال المستقبل، فإن مباراة الأحد أمام هونج كونج، وهي فاتحة السفر الآسيوي لـ «الأبيض»، ستكون لحظة مفصلية في بناء صرح الحلم، الفوز بنقاطها الثلاث، رغم قوة المنافس المفترضة، يصبح بهذا المعنى حتمية لا محيد عنها.
ولأن «الأبيض» فيما شاهدته من ودياته الأخيرة، أظهر مع المدرب البرتغالي بينتو بعضاً من علامات النبوغ في التشبع بـ «لزوميات» الكرة الحديثة، من مناعة دفاعية إلى نجاعة هجومية، إلى تنزيل جيد لمنظومة اللعب، إلى قدرة جماعية على تأمين التحولات التكتيكية بلا مواجع، انتهاءً بالحوافز الذهنية التي تكون هي أصل الزاد في السفر، فإن المتوقع أن يستهدف «الأبيض» عند مواجهة هونج كونج الظفر بالنقاط الثلاث، حتى تكون البدايات بمشيئة الله من جنس النهايات، ابتسامات تنشر البهجة والأمل في الإمارات.
نقلاً عن جريدة الاتحاد الإماراتية
قد يعجبك أيضاً



