إعلان
إعلان

أقوى من أفلام هوليوود!

حسن المستكاوي
05 ديسمبر 202302:30
hassan-el-mestekawi-200

ثلاث مباريات جرت في يوم واحد، تفتح باب قضية قديمة أناقشها منذ سنوات طويلة، وهي: هل كرة القدم أهداف فقط، أم أن جوهرها هو الصراع والندية؟ هل المتعة في الأهداف وحدها، أم أن الصراع يبث وينثر المتعة؟

قديماً اختصر «الكابتن» محمد لطيف المعلق الرياضي المصري الشهير الذي علمنا قوانين اللعبة، اختصر كرة القدم في الأهداف، وكان يردد دائماً «الكورة أجوان»، وهي كذلك بالطبع لأن الفريق يلعب من أجل هز شباك المنافس، لكنني رأيت أن جوهر كرة القدم أولاً هو الصراع والندية، وأن ذلك يمكن أن يقدم عرضاً للمتعة، حيث تشهد المباراة مفاجآت، إلا أن البهجة والاستمتاع باللعبة لها أوجه أخرى تتعلق بالأداء عموماً وفق التطور الذي طرأ على اللعبة.

ولذلك عرفنا في التاريخ القديم وفي الحاضر، فرقاً ومنتخبات قدمت كرة القدم الممتعة، من البرازيل أيام بيليه وريال مدريد أيام بوشكاش ودي ستيفانو، إلى فرنسا وألمانيا وبرشلونة ومانشستر سيتي وليفربول، والمتعة هنا إما أن يكون مصدرها اللاعب الفرد، وإما أن يكون مصدرها الأداء الجماعي، وإما أن يكون هذا المزيج بين أداء اللاعب الفرد وبين أداء المجموع.

أعود إلى ثلاث مباريات جرت في يوم واحد، الأولى فاز فيها الزمالك على فريق سوار الغيني بأربعة أهداف مقابل لا شىء، وكان اللعب في اتجاه واحد وهو مرمى سوار الفريق الذي لا يملك أي خبرات، فلم تكن كثرة الأهداف وسيطرة الزمالك ممتعة، باستثناء عروض المهارة التي قدمها شيكابالا، الذي يبلغ عمره 37 عاماً، لكن منافسيه جعلوه من أبناء العشرين، وكانت تلك مباراة بلا متعة حقيقية أو كاملة.

في «البريميرليج» اختلف الأمر، فقد حقق ليفربول فوزاً مذهلاً على فولهام 4-3، وتأرجح الانتصار بين الفريقين، حتى الدقيقة الأخيرة، ووصفت المباراة بأنها مجنونة، بسبب تطور إحراز الأهداف وقوة الصراع والندية وتغير النتيجة كثيراً بتعدد الأهداف، لدرجة أن يورجن كلوب مدرب ليفربول قال إنه لن ينسى هذه المباراة وما فيها من تنافسية طوال حياته.

والأمر نفسه حدث في مباراة مانشستر سيتي وتوتنهام، التي انتهت بالتعادل 3-3، ولم يكن عدد الأهداف مصدراً وحيداً للمتعة، وإنما كان الصراع حتى النهاية هو السبب الأول لمتابعة اللقاء بكل الحواس واليقظة، وكان الوصف أيضاً لهذا بأنها مباراة «مجنونة».

الصراع هو جوهر كرة القدم وهو الذي يصنع المتعة، بجانب أصحاب المهارات الفائقة والخاصة من اللاعبين، فالصراع الجماعي ينتج ما لا نتوقعه واللاعب المبدع ينتج ما لا نتوقعه، وهذا ما ينتج لنا فيلماً من المتعة والبهجة فوق ميدان من العشب الأخضر وليس على منصة شاشة بيضاء في صالة عرض.

** المباريات المجنونة كثرت في «البريميرليج»، فأصبح هذا الدوري أقوى من أفلام هوليوود.

نقلاً عن جريدة الاتحاد الإماراتية

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان