إعلان
إعلان

أبصرت «الأبيض» ينهض

بدرالدين الإدريسي
19 أكتوبر 202301:25
badre-dine-idrisi

هل بيننا من قال إن رباعية «الأبيض» أمام كوستاريكا، كانت مجرد «غيمة» لن تمطر، لأن «الأبيض» أحسن استغلال الهبوط الحاد لأداء منتخب كوستاريكا لمستويات متدنية؟

بالقطع، هناك من قال ذلك، وأبداً لم ير في ما حققه منتخب الإمارات أداءً جماعياً قبل النتيجة، ما يدعم هذا الذي قلته بعد «رباعية» كوستاريكا، من أنني أبصرت شيئاً يتشكل في الأفق، منظومة أداء يجتهد المدرب باولو بينتو في جعلها متلازمة تكتيكية، شمسها لا تغيب.

ولأن كرة القدم قالت منذ زمن بعيد، إنه لا يقين فيها يقطع دابر الشك، ولا منطق فيها يصادر حالة التوجس، فقد كان لابد من انتظار الجولة الثانية من الافتحاص الفني لـ «اللوك» الجديد الذي أصبح عليه منتخب الإمارات، وقد حوله بينتو إلى «لُحمة» لا ينفصل فيه الأساسيون عن البدلاء. 

وكانت الوديتان أمام الكويت وأمام لبنان، بمثابة مرافعة فنية، تشهدنا أن ما كان أمام كوستاريكا لم يكن أبداً شيئاً عرضياً، وإنما إعلان عن مخاض سيفضي إلى مولد طريقة جديدة في اللعب تطابق منتخب الإمارات مع ممكناته البشرية، وأكثر منه مع الخصوصيات التكتيكية لبيئته الآسيوية.

ولو أن بينتو فضل استثمار الوديتين معاً، ليمنح أغلب لاعبيه مساحة للعب، وأن يضع الجميع في صلب التنافسية، للحكم على قدرة كل لاعب على تمثل المشروع الجديد، إلا أنه شدد على ضرورة إقران الأداء الجماعي في «المحكين» معاً بالنتيجة، لطالما أن لدينامية الانتصارات «مفعول السحر» على الجانب الذهني، وهو ما شاهدناه ولو بنسب متفاوتة في المباراتين معاً، وقد اجتهد «الأبيض» كثيراً في الفوز بهما معاً، بدليل أن هدفه الثاني، هدف الفوز أمام منتخب لبنان لم يأتٍ إلا في الوقت بدل الضائع.

وكان مثيراً للغاية، أن المباريات الثلاث التي خاضها «الأبيض» توالياً أمام كوستاريكا، الكويت ولبنان، مكنت المدرب بينتو من تشكيل نواته الصلبة في زمن قياسي، ليس هذا فقط، بل إنه قدم لنا مجسماً أولياً للكرة التي يريد لـ «الأبيض» أن يلعبها، لتكون له معيناً على صعود جبال آسيا الشاهقة، فعل ذلك برغم الجديد الذي عرفه التشكيل البشري، بمجيء عناصر أفلح بينتو في إظهارها على نحو رائع، وبرغم ما يتطلبه مشروع اللعب من مساحة زمنية مقدرة ليجري تنزيله بشكل كامل. 

إن التنويع المطلوب في بناء الجمل الهجومية، والتفوق في عملية الاسترجاع والنجاح في التحول المزدوج من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية، كل هذه الرافعات لكرة القدم الحديثة، ليست قوالب جاهزة للاستعمال، بل إنها تحتاج إلى نوعية خاصة من اللاعبين، وهذا بالفعل ما اهتدى إليه سريعاً المدرب بينتو، وكسب في ذلك وقتاً ثميناً، ليبدأ رحلة الصقل والصيانة، وحماية أسلوب اللعب من التفكك المفضي إلى الخسائر.

* نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان