في ذكرى ميلاده.. كيف سقط أسطورة الشطرنج كاسباروف أمام حاسوب؟

كان جاري كاسباروف يكره الهزيمة، لكن أصغر بطل للشطرنج سنا وأعظم كبار أساتذة اللعبة، دخل التاريخ عندما خسر أمام "منافس غير بشري" لا يعرف الخوف أو تأثيرات العواطف.

واجتذبت مواجهتي الروسي كاسباروف في 1996 و1997، بين الإنسان والآلة، أمام الكومبيوتر العملاق ديب بلو القادر على القيام بعمليات حسابية هائلة في غضون ثانية واحدة اهتمام العالم بأسره أواخر القرن الماضي.

ورغم أن كاسباروف فاز في المواجهة الأولى في فبراير/شباط 1996 في فيلادلفيا، فإن المنافس عديم الوجه والإحساس فاز بالدور الأول فيها في لحظة تمثل تحولا فارقا للذكاء الصناعي وتقنية القرن العشرين.

وكانت هذه أول مرة يفوز فيها برنامج كومبيوتر على حامل لقب بطولة العالم في ظل القواعد التقليدية التي تسمح للاعبين بدراسة إستراتيجياتهم على مدار ساعات.

وأقيمت المواجهة الثانية بين الطرفين على مدار 9 أيام في ناطحة سحاب بمدينة نيويورك ووصفتها صحيفة نيوزويك بأنها "آخر فرصة للعقل (البشري)."

وانتهت المباراة بفوز الحاسوب العملاق المطور الذي صنعته أي.بي. إم في 11 مايو/آيار 1997.

وقال كاسباروف الذي كان عمره 34 عاما وقتها للصحفيين "الكومبيوتر هو منافس غير بشري وهذا المنافس خصائصه مختلفة كثيرا جدا عن أي منافس بشري".

وعلقت صحيفة "نيويورك تايمز" على النتيجة قائلة "بصورة غريبة وقاسية أطاح كومبيوتر أي.بي.إم ديب بلو بالعنصر البشري، مؤقتا على الأقل، ليصبح أفضل كائن في لعبة الشطرنج على سطح الكوكب".

وقالت وول ستريت جورنال "خطوة صغيرة (للأمام) بالنسبة للكومبيوتر وتراجع هائل بالنسبة للجنس البشري".

تجربة اجتماعية

وقال كاسباروف لاحقا إنه تعامل مع هذا الحدث الذي بلغت قيمته 1.1 مليون دولار على أنه تجربة علمية واجتماعية وإن الحاسوب ديب بلو لم يثبت أنه "يتمتع بالذكاء مطلقا".

وقال كاسباروف في كلمة بأحد المؤتمرات في 2017 "الطريقة التي لعب بها ديب بلو لم تقدم أي جديد بالنسبة لجوانب الغموض الخاصة بالذكاء البشري".

وأضاف "هذا الذكاء كان مثل ذكاء المنبه. رغم أن الهزيمة أمام منبه قيمته 10 ملايين دولار لم تمنحني أي شعور أفضل".

ولد كاسباروف، الذي كان اسمه جاريك كيموفيتش واينستين، في 13 أبريل/نيسان 1963 في باكو وهي عاصمة أذربيجان حاليا وبعد وفاة والده في سن مبكرة أصبح يحمل اسم والدته.

وحصل على لقب أستاذ كبير في الشطرنج وعمره 17 عاما وتوج بطلا للعالم في الثانية والعشرين من عمره عام 1985 بعد فوزه على البطل السوفيتي الشهير أناتولي كاربوف.

وأول مباراة جمعت بين العملاقين في موسكو استمرت أكثر من 5 أشهر في 1984-1985 وألغيت لأسباب صحية بعد 40 تعادلا بين البطلين وهو رقم قياسي.

وأسس كاسباروف اتحادا لمحترفي الشطرنج في 1993 لكن الاتحاد لم يستمر طويلا ثم اعتزل منافسات اللعبة على مستوى الاحتراف في 2005.

وفي بلاده لعب كاسباروف دورا كبيرا في صفوف المعارضة المناوئة للكرملين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما أنه حاول ترشيح نفسه لرئاسة البلاد.

ويرأس كاسباروف حاليا مؤسسة "هيومان رايتس فاونديشن" المدافعة عن حقوق الانسان والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها خلفا للرئيس التشيكي السابق فاكلاف هافل.