
في الوقت الذي تتصارع فيه كثير من الدول الطامحة بالمجد الأولمبي على ميدالية أيا كان لونها، نجد أن هناك أطفالا يعتلون ألواحا بعجلات، يدفعون بهذه الألواح على مسار متعرج ويقفزون كلاعبي السيرك على بعض الحواف المعدنية، وخلال أقل من ساعتين نجدهم يقفون على منصات التتويج بالذهب والفضة والبرونز، وعندما رجعلت لهذه اللعبة الغريبة وجدت أن اسمها تزلج الشوارع.
عادت بي الذاكرة إلى بعض الأفلام الغربية التي كان بعض الشباب يمارسون هذه اللعبة على الأدراج، ولا أعتقد أن مخرجي تلك الأفلام، ورد بخاطرهم أن تكون مثل هذه اللعبة أولمبية في يوم ما.
بكل صراحة، ساءني ما شاهدت، فمنتخب كرة قدم مثلا، يدخل في العديد من الاختبارات والتصفيات حتى الوصول إلى حلم التأهل الأولمبي، وخلال البطولة يلعب دور المجموعات ثم يتأهل للدور الثاني وينافس من ثم على نصف النهائي وبعدها النهائي في مشوار شاق قد يستغرق 3 سنوات كاملة من التحضير والمشاركة دون كلل أو ملل وقد يفوز بميدالية تحتسب ميدالية واحدة لكل هذا الجيش من اللاعبين والمدربين والإداريين، وفي المقابل، تأتي طفل بعمر 13 عاما للتوج بذهبية لعبة غير شعبية ولا معروفة في معظم دول العالم، وخلال دقائق معدودة.
والأمر ينطبق على الكثير من ألعاب الظل التي لا نشاهدها سوى في الأولمبياد سواء ما يتعلق بألعاب التجديف والإبحار، والتي أعتقد أن المنافسة فيها تمثل 10% من اهتمام العالم، وحتى الفرق المختلطة التي باتت تفرض على جميع الألعاب، فمثلا التنس الأرضي وكرة الطاولة وكرة الريشة، باتت تلعب فردي وزوجي، وزوجي مختلط، وأضيف على ذلك سباق 4×100 م في العاب القوى مختلط، وتتكرر فيها نفس مشاهد اللعب وبشكل قد يدخل الملل لنفوس المشاهدين..وهناك ألعاب أخرى تلعب اللعبة الأساسية وشبيهتها مثل كرة السلة، وكرة سلة الشوارع 3×3، والكرة الطائرة ومعها الطائرة الشاطئية..حتى باتت الميداليات بالمئات.
كل ذلك وتبدي اللجنة الأولمبية تعنتا في اعتماد ألعاب قد تكون أكثر شعبية بكثير مما نشاهدة ولا نستمتع به، مثلا لعبة الكاراتيه الشعبية بشكل كبير غير معتمدة أولمبيا، ومثلا الجوجستو، وحتى لعبة البلياردو والسنوكر، ومعها كرة القدم الخماسية وكرة قدم الشواطئ.. أعتقد أن فيها تنافس ومتعة أكثر من كثير من الألعاب المعتمدة حاليا.
بكل صراحة أقولها بأن خريطة الألعاب الأولمبية الحالية، لا تتيح سوى للدول الكبيرة التي تعتبر موطنا حصريا لبعض هذه الألعاب، والتي لا يجيدها غيرها، بأن تبقى مسيطرة على الميداليات، مهما فعلت بقية الدول من جهود مضنية في سبيل إعداد رياضييها للألعاب المعروفة لديها، والتي تحمل الأمل في المنافسة بشكل رسمي.
وطالما بقيت هذه الخريطة التي قد يتم إضافة ألعاب أخرى للأغنياء، فعلى بقية دول العالم الانتباه لها جيدا، والبدء بتجهيز أجيال منافسة مستقبلا فيها، علها تخرج من إطار الخيبة التي يلازمها في كل مشاركة، وتحمل هذه الألعاب تباشير الفرح المنتظر.
قد يعجبك أيضاً

.jpg?quality=60&auto=webp&format=pjpg&width=317)

