إعلان
إعلان

لماذا لم يخضع نادال لضعف لحظة بينما انهار ديوكوفيتش وفيدرر؟

خالد محمود
26 سبتمبر 202505:29
TENNIS-ATP-LAVER-GBRGetty Images

في عالم التنس، لا يقتصر الصراع على التبادلات القوية والإرسالات الساحقة، بل يمتد إلى معركة خفية يخوضها اللاعب مع ذاته تحت وطأة الضغط النفسي والمنافسة.

وبينما ينجح البعض في كبح انفعالاتهم حتى في أصعب اللحظات، يجد آخرون أنفسهم أسرى غضبٍ لا يُكبح، فيفرّغونه بتحطيم مضاربهم أمام الجماهير والكاميرات، ليغدو المشهد مألوفًا على الملاعب الكبرى.

هذه الظاهرة ليست مجرد لحظة غضب عابرة، بل تكشف عمق البعد النفسي في اللعبة، وحجم التوتر الذي يعيشه اللاعبون في النقاط الحاسمة.

وبين أساطير اللعبة الثلاثة: نوفاك ديوكوفيتش، رافائيل نادال، وروجر فيدرر، برزت اختلافات واضحة في التعامل مع هذه اللحظات، وكانت شخصية نادال الإسباني علامة فارقة في هذا السياق.

ديوكوفيتش.. استسلام للمشاعر

يُعرف النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش باندفاعه العاطفي داخل الملعب، وكثيرًا ما يلجأ لتحطيم مضاربه في لحظات الغضب.

في البطولة الختامية عام 2023، وأمام الدنماركي هولجر رون، لم يتردد في تكسير مضربين كاملين، قبل أن يستعيد هدوءه ويقلب النتيجة لصالحه.

علّق ديوكوفيتش وقتها قائلاً: "هذا يسمح لي بالتخلص من التوتر والإحباط والمضي قدمًا. لكنني لا أشجع أحدًا على فعل ذلك، حتى نفسي. لست سعيدًا بما فعلت، لكنه حدث، وعليّ أن أتحمّل المسؤولية".

ورغم ندمه العلني، واعترافه بأن هناك طرقًا أكثر ذكاءً للتنفيس عن الغضب، إلا أن سجله يروي قصة أخرى؛ فقد حطم طوال مسيرته ما يقارب 62 مضربًا، بل لم يمنعه حتى وجود العائلة الملكية في نهائي ويمبلدون 2023 من تكسير مضربه بعد خسارته أمام كارلوس ألكاراز.

فيدرر.. درس من الماضي

لم يكن روجر فيدرر مثالاً للهدوء في بداياته. فقد واجه صعوبات في السيطرة على أعصابه، وحطم نحو خمسة مضارب قبل أن يقرر تغيير مساره.

يقول فيدرر عن نقطة التحول:"في عام 2001، خسرت أمام فرانكو سكوياري في هامبورج. ارتكبت خطأً فادحًا وتحطّم مضربي. بعدها بكيت كثيرًا وقلت لنفسي: لا يمكن أن أستمر بهذه الطريقة. إذا واصلت هكذا، سأُصاب بالجنون ولن أستطيع الاستمرار".

منذ تلك اللحظة، التزم فيدرر بالهدوء والتركيز، وهو ما انعكس مباشرة على نتائجه، حيث بلغ ربع نهائي رولان جاروس ويمبلدون في نفس العام، لتبدأ مسيرته نحو القمة بروح أكثر اتزانًا.

نادال.. المثالية الصارمة

أما رافائيل نادال، فقد تميز بمسيرة فريدة: لم يُكسر له مضرب واحد في حياته كلها، رغم ثلاث عقود من المنافسة.

الفضل يعود إلى عمه ومدربه السابق توني نادال، الذي غرس فيه منذ الطفولة احترام الأدوات الرياضية. قال توني: "كسر المضرب يعني شيئين: قلة احترام للأشياء التي ليست سهلة المنال، واستسلام لليأس. أخبرت رافا وهو في السادسة: إذا رميت مضربك، فلن أكون مدربك بعد الآن. هناك ملايين الأطفال يحلمون بمضرب واحد ولا يستطيعون شراءه".

رسخ هذا الدرس في ذهن نادال، وجعله رمزًا للانضباط الذهني. بل اعتبر هو نفسه أن كسر المضرب يعني فقدان السيطرة على المشاعر، وهو أمر لا يتماشى مع فلسفته داخل وخارج الملعب.

في النهاية.. بين عاطفة ديوكوفيتش الجياشة، وهدوء فيدرر المكتسب، ومثالية نادال الصارمة، تتجلى أبعاد التنس كرياضة لا تُحسم بالمضارب فقط، بل بعقلية اللاعب ومدى تحكمه في ذاته. ففي النهاية، كل مضرب يُكسر، وكل دمعة تُذرف، هي مرآة لضغوط هائلة يعيشها النجوم خلف بريق البطولات.

إعلان
إعلان
إعلان
إعلان