منع الغرور فرعون من الإيمان لرسالة سيدنا موسى، كما منعت القوة ابرهة الحبشي من تصديق أن للبيت رب يحميه، وحال الجاه بين كبار قريش واعتناق الاسلام، ولكن الغرور والقوة والجاه مجتمعين ما منعوا محمد علي من إلقاء شهرته ونجوميته في نهر اوهايو مع ميداليته الذهبية التي نالها في اولمبياد روما.
وقتها لم يكن شغل محمد علي الشاغل سوى الاحتجاج على الحياة التي يعيشها السود في مسقط رأسه بولاية كينتاكي.
وفي لحظة حاسمة خاطر كاسيوس كلاي (اسم محمد علي الأصلي) بكل شي عندما رفض صاحب مطعم اميركي دخوله إلى قاعة جلوس الزبائن بسبب لون بشرته، فقرر وقتها أنه لن يعيش إلا مسلما ولن يموت إلا كذلك.
صدم بطل الكون في الوزن الثقيل اميركا والعالم عندما أعلن اسلامه في العام 1964 فتعرض لحملة مسعورة تم خلالها وصفه بـ(الزنجي) المختل عقليا.
حمل محمد علي شعارا واحدا في مكافحة الاضطهاد والتمييز العنصري والعنف ضد السود وكذلك الأقليات مثل المسلمين، ولطالما ردده بصوته العالي "إذا اقتنع عقلي وآمن قلبي فيمكنني تحقيق كل ما أريد".. ومن هنا بدأت قصته مع الإعلام الذي حاول تشويه صورته بمختلف الوسائل.
رفض الخدمة العسكرية في حرب فيتنام وناضل بضراوة ضد قرار حبسه وتجريده من لقبه، فأصبح أيقونة اسلامية وإنسانية ينحني لها الجميع اكبارا وتبجيلا.
بعد سنوات من الكفاح اقتنعت الصحف الاميركية رغما عنها بتغيير اسم كلاي إلى محمد علي وقد فعلت ذلك بمرار كبير، سيما وأنه رفض التصريح لأي وسيلة إعلامية أو إجراء أي حوار صحافي ما لم يتم تثبيت اسمه الجديد والذي اختاره لنفسه بشجاعة ودون تردد.
بعدما استعاد عرشه على قمة العالم من جديد اطلق تصريحه الشهير "لست أكبر ملاكم بل أكبر مرتين ليس لأنني أهزم خصومي بل لأنني أختار الجولة التي أهزمهم فيها".
هذا الجبروت الكبير وهذه الشخصية العملاقة التي شغلت الناس من اقصى الأرض إلى اقصاها سرعان ما بدأ الوهن يصيبها فأطلق الملاكم الاسطوري المسلم تصريحه الأشهر "هذه الحياة ليست حقيقية، لقد غزوت العالم ولم أحصل على السكينة وقد منحني الله هذا المرض كي يذكرني بأنني لست الرقم 1، بل هو سبحانه".
مات محمد علي كلاي، الذي عانى من الرعاش معظم حياته، على ما آمن به فهذه الحياة ليست حقيقية فعلا، وقد وجد أخيرا السكينة التي لطالما بحث عنها.
رحم الله محمد علي المسلم والانسان والقدوة، وجعل كل ما قام به من أعمال طيبة في ميزانه وتجاوز عن زلاته .. رمضان كريم وكل عام وانتم بخير.