
يحتفظ سباستيان، ذلك الجواد كبير الحجم البني اللون بهدوئه التام، بينما يدور توني زيشلر حوله وهو جالس على مقعده المتحرك.
ويرفع الفرس بامتثال حافره لكي يفحصها الفتى توني الذي يبلغ من العمر 15 عاما، ثم يغلق عينيه بينما يقوم راكبه بتنظيفه بالفرشاة، بل إنه يرضى برحابة صدر أن يتم إلقائه على جانبه بينما يثبت توني السرج على ظهره.
ولا يحتاج ذلك الفتى إلى مساعدة تذكر لإعداد الحصان للركوب، وذلك بفضل التعليمات التي تلقاها في مركز التدريب على ركوب الخيل المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، والكائن في بلدة أنسباخ بالجنوب الألماني.
وتم افتتاح هذا المركز في سبتمبر / أيلول من العام الماضي ليصبح الخامس من نوعه في ألمانيا.
وحصل توني على دورة تدريبية أشرفت عليها أوتا هارلين مدربة مسابقات الفروسية بولاية بافاريا، وفي بداية كل دورة تدريبية تطلع هارلين على مختلف أنواع الإعاقة لدى المشتركين في التدريب وعلى أنواع الأجهزة التعويضية التي يستخدمونها.
وتقول هارلين إن "الهدف من إقامة هذا المركز الذي يتيح المساعدة هو استكشاف المواهب الجديدة للمشاركة في بطولات الألعاب البارالمبية"، وتتمتع بلدة أنسباخ بظروف مثالية للتدريب، فالطرق خالية من العراقيل، وتوجد مراحيض مخصصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، إلى جانب توفير مطالع على الأرصفة تسهل حركة الجالسين على المقاعد المتحركة للتجول في الأنحاء.
ويتم تمويل أعمال إعداد البنية الأساسية الصديقة لمتحدي الإعاقة عن طريق المنح أساسا، بينما يأتي باقي التمويل من ناديهم الأساسي، وتشمل التسهيلات إتاحة ممر مرتفع يمكن أن يصعد عليه طوني بمقعده المتحرك ليمتطي الجواد، ويكاد يستطيع أن يجلس فوق السرج بدون مساعدة.
وكان توني أصيب منذ عامين بالتهاب في الحبل الشوكي، وسرعان ما فقد القدرة على تحريك ساقيه بين عشية وضحاها، ويقول "بعد أن تم تشخيص حالتي اعتقدت أنني لن أركب الخيل مرة أخرى"، غير أنه لم يستسلم لوضعه، وتلقى تدريبا خاصا على الفروسية، ويأتي الآن إلى أنسباخ مرة كل أسبوع.
وتعلق هارلين على قدرة توني على ركوب الجواد قائلة "لقد تكونت علاقة صداقة بسرعة بين توني وسباستيان"، وذلك على الرغم من أن الجواد يبدي عنادا في بعض الأحيان.
غير أنه لا يمكن القول بأن كل جواد يصلح لركوب ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي هذا الصدد تقول مدربة الفروسية "ينبغي على هذه النوعية من الخيول أن تتمتع بالحساسية والقدرة على الاستجابة بشكل سريع لتعليمات متحدي الإعاقة التي تكون أكثر ضعفا من الفرسان العاديين".
وتضيف "يجب على هذه الخيول أيضا أن تكون من النوع الهادئ والقادر على تجاهل أية حركات طارئة، والحصان الجيد هو الذي يكون على استعداد لأن يكون رابط الجأش عندما يفقد راكبه السيطرة، بل عليه أن ينتظر إلى أن تنتهي المشكلة".
ويتعين على المدربين في هذه الحالات أن يتكيفوا مع نوعية الإعاقة الخاصة بكل راكب، وإيجاد المعدة المناسبة الملائمة لكل حالة، وقد يكون ذلك على شكل سرج من نوع خاص، أو حلقات الحديد التي يضع فيها الفارس قدميه بحيث تمسك بها بشكل أفضل، أو نوع من اللجام يمكن استخدامه بيد واحدة.
ويقوم راكبو الجياد والمدربون بتجهيز كثير من هذه المعدات بأنفسهم، ذلك لأنها ليست متاحة على نطاق تجاري واسع.
ويعد الرياضيون من أصحاب الحالات الخاصة في ألمانيا، من أفضل اللاعبين في مسابقات الفروسية، على الرغم من أنها لا تحظى بالشهرة مثل بقية الرياضات البارالمبية، حيث إنه يتعين على الفرسان من متحدي الإعاقة أن يسافروا لمسافات بعيدة عادة لكي يجدوا ظروف تدريب جيدة.
قد يعجبك أيضاً



