الجزائرية نمور تحرز ميدالية ذهبية غير مسبوقة لأفريقيا

تُوجت الجزائرية الواعدة كيليا نمور (18 عاما) بطلة للعالم، في جهاز العارضتين مختلفتي الارتفاع، اليوم الجمعة، في جاكرتا، بعد عام واحد فقط من فوزها باللقب الأولمبي على الجهاز ذاته.

وتحتضن جاكرتا، في الوقت الحالي، منافسات بطولة العالم للجمباز الفني.

وجمعت كيليا نمور، رصيدا استثنائيا بلغ 15.566 نقطة، وتفوقت بفارق أكثر من نقطة على وصيفتها، الروسية أنجلينا ميلنيكوفا التي فازت بالمسابقة الكاملة، أمس الخميس، فيما حلت الصينية يانغ فانيوي ثالثة، ونالت البرونزية.

وأصبحت كيليا نمور، أول لاعبة جمباز أفريقية في التاريخ، تُتوّج بطلة للعالم.

وقدمت اللاعبة الجزائرية، عرضا مبهرا في الدور النهائي لمسابقتها المفضلة، وذلك غداة خيبة أملها في المسابقة الكاملة عندما حلت في المركز الرابع، في الوقت الذي كانت تحلم فيه بميدالية على الأقل.

وكانت نمور، آخر متسابقة في مسابقة العارضتين مختلفتي الارتفاع، وكان يتعين عليها تجاوز ميلنيكوفا التي حصدت 14.500 نقطة، للفوز بالميدالية الذهبية، وكانت النتيجة في متناول نمور بعد حصولها على 15.533 نقطة في التصفيات، يوم الثلاثاء الماضي.

ولم تُبدِ اللاعبة الجزائرية كيليا نمور أي تردد في سعيها من أجل الفوز باللقب العالمي، اليوم الجمعة، حيث أدت الحركات الصعبة بإتقان مرتدية ثوبها الرياضي الأخضر.

وأثبتت كيليا نمور، التي اختارت الدفاع عن ألوان الجزائر بدلا من فرنسا قبل عامين، نفسها الآن كواحدة من ألمع نجمات الجمباز.

وسبق لها أن توجت بطلة أولمبية في جهاز العارضتين مختلفتي الارتفاع، العام الماضي، في باريس، حيث منحت أفريقيا، أول لقب لها في الجمباز.

ومنذ الألعاب الأولمبية، واجهت اللاعبة الشابة عاما حافلا. ففي الربيع، قررت مغادرة نادي التدريب الخاص بها في أفوان (إندر إي-لوار) للتدرب في ديجون. 

ثم استنكرت "الإهانات" التي عانت منها لسنوات طويلة، و"السيطرة" التي مارسها عليها مدربوها السابقون في أفوان.

وفي أول مشاركة لها في بطولة العالم للكبار في أنتويرب عام 2023، فازت نمور بالميدالية الفضية في جهاز العارضتين مختلفتي الارتفاع.

الأسطورة الجزائرية التي غيّرت وجه الجمباز في العالم العربي

من فرنسا إلى المجد الأولمبي تحت العلم الجزائري، سطرت كيليا نمور، قصة نجاح استثنائية في عالم الجمباز الفني، لتصبح رمزًا للإصرار والتميّز، وأيقونة رياضية تجاوز صداها حدود الجزائر وأفريقيا.

وُلدت كيليا نمور في 30 ديسمبر/كانون أول 2006، وذلك في مدينة سان بينوا لا فوريه الفرنسية، وذلك لأب جزائري وأم فرنسية. 

ومنذ طفولتها، أظهرت شغفًا كبيرًا بالرياضة، ودقة في الحركات، جعلت مدربيها يتنبأون لها بمستقبل لامع في عالم الجمباز.

وبدأت مسيرتها تحت لواء الاتحاد الفرنسي، قبل أن تتخذ قرارًا مصيريًا عام 2023 باللعب باسم الجزائر، تكريمًا لجذورها وانتمائها.

المجد الأولمبي والتاريخ الذهبي

بلغت كيليا نمور، قمة المجد في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، حين أبهرت العالم بمستواها المذهل على جهاز العارضتين غير المتوازيتين، محرزة الميدالية الذهبية بنتيجة 15.700 نقطة.

وبهذا الإنجاز، أصبحت أول رياضية عربية وأفريقية تفوز بميدالية ذهبية أولمبية في الجمباز، لتُسطر اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الرياضة العالمية.

مسيرة حافلة بالإنجازات

لم يكن الإنجاز الأولمبي الخاص باللاعبة الجزائرية كيليا نمور، وليد الصدفة، فقد سبقته سلسلة من النجاحات المبهرة، ففي بطولة كأس العالم 2024 بالدوحة، توّجت اللاعبة كيليا نمور بالميدالية الذهبية في نفس الاختصاص، مؤكدة تفوقها في أصعب أجهزة الجمباز.

كما واصلت تألقها في بطولة العالم 2025 بجاكرتا، حيث تأهلت إلى النهائيات ضمن أفضل الرياضيات في العالم، في مؤشر على ثبات أدائها وتطورها المستمر.

ما وراء الإنجازات

تتدرب اللاعبة كيليا نمور حاليًا في مركز متخصص بمدينة سبرينج بولاية تكساس الأمريكية، ضمن برنامج تحضيري متكامل، وذلك استعدادًا للمنافسات العالمية المقبلة، ومنها بطولة العالم بالولايات المتحدة، حيث تسعى لمقارعة الأسطورة الأمريكية سيمون بايلز على أرضها.

ورغم ولادتها ونشأتها في فرنسا، فإن اختيار كيليا نمور، لتمثيل الجزائر، يعكس وعيها العميق بجذورها ورغبتها في إلهام جيل جديد من الرياضيين العرب والأفارقة.

رمز للإلهام والطموح

تحولت اللاعبة الموهوبة كيليا نمور إلى مصدر إلهام لفتيات كثيرات في الجزائر والعالم العربي، إذ كسرت الصورة النمطية حول محدودية مشاركة العرب في الرياضات الفنية.

وبفضل موهبتها وثقتها العالية، فتحت الباب أمام أحلام جديدة لشابات يطمحن للوصول إلى القمة.

ولم تكن كيليا نمور، مجرد بطلة رياضية، بل قصة تحدٍ وهوية وفخر، وبفضل عزيمتها ومهارتها، رفعت علم الجزائر عاليًا فوق منصات العالم، وأثبتت أن الطموح لا يعرف حدودًا جغرافية ولا ثقافية.

وهي اليوم عنوان لحقبة جديدة في تاريخ الجمباز العربي، واسم سيظل محفورًا في ذاكرة كل من يؤمن بأن النجاح يصنع بالإرادة قبل الموهبة.